للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلتُ: قاتَلَكِ اللَّهُ، ما أفصحَك! ما أفصحَك! جَمَعْتِ المعانيَ في هذه الكلمات، فقالت: يا عَمِّي، وهل تَرَكَ القرآنُ لذي لهجةٍ فصاحةً؟ قال: فقلتُ: أتعرفين القرآن؟ قالت: نعم، أعرفه وأعرف منه آيةً جَمَعَتْ بين أمرَيْنِ ونهيَيْنِ وبِشارتَيْن وخبرَيْن، وهو قوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}، قاله صاحب "نظام الغريب" (١).

قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ}؛ أي: فأخذه، والعرب تقول لما وَرَدْتَ عليه فجأةً من غير طلب ولا إرادة: أَصَبْتُهُ الْتِقاطًا، ولَقِيتُ فُلانًا الْتِقاطًا (٢)، ومنه قول الراجز:

٨٧ - ومَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ الْتِقاطا

إذْ لمْ أَكُنْ وَرَدْتُهُ فُرّاطا (٣)


= اللغة: غزال كانس: داخلٌ فِي كِناسِهِ وهو موضعٌ فِي الشجر يَكْتَنُّ فيه ويستتر من الحَرِّ، الدَّلُّ: حُسْنُ المَنْظَرِ.
التخريج: ديوانه ص ١٨٥، رسالة الصاهل والشاحج ص ٢٥٤، ديوان المعانِي ١/ ٣١٦، عين المعاني ورقة ٩٧/ ب، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٥٢.
(١) نظام الغريب ص ١٦٤، وصاحب نظام الغريب هو عيسى بن إبراهيم الرَّبَعِيُّ الوُحاظِيُّ اليَمَنِيُّ، فقيه نحوي لغوي، كان رأس الطبقة في اللغة، وعليه المعول في اليمن، ولد في وُحاظة، وبها توفِّي سنة (٤٨٠ هـ)، ونظام الغريب معجم في غريب اللغة أفرد فيه ذكر لغات الأشعار واقتصر عليها. [هدية العارفين ١/ ٨٠٧، معجم المطبوعات ١/ ٩٢٨، الأعلام ٥/ ١٠٠].
(٢) ينظر: تهذيب اللغة ١٦/ ٢٤٩.
(٣) الرجز لنِقادةَ الأسديِّ، ونسب لَأبِي النجم العجلي، وهو في ملحق ديوانه، ونُسِبَ لرؤبة بن العجاج، وليس في ديوانه، ويُرْوَى الثانِي:
لم أَلْقَ إذْ وَرَدْتُهُ فُرّاطا =

<<  <  ج: ص:  >  >>