للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قال الفَرّاء (١): وهي في حرفِ عبد اللَّه بن مسعود: {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمُونَ}. قال أبو جعفر (٢): فعلى هذا يكون "هُمُ" في موضع رفع بالابتداء، و {الظّالِمُونَ}: خبرُ الابتداء، والابتداءُ وخبرُه خبرُ "كانَ كما تقول: كان زيدٌ أبوه خارجٌ، ومثله: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} (٣)، و {الرَّقِيبَ} بالرَّفع أيضًا، وكذلك قوله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} (٤) بالنَّصب والرَّفع".

وكان الجِبْلي أحيانًا يُنكر القراءةَ الشاذّةَ ويضعِّفها، أو يذكرُها ليستدلَّ بها على أنّ قراءة العامّة أجوَدُ في العربية، ومن أمثلةِ ذلك ما يلي:

١ - في قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} (٥)، قال الجِبْليّ (٦): "وقرأ السُّلَميُّ: {يُبْلِسُ} بفتح اللام، وقراءةُ العامّة أجوَد".

٢ - في قوله تعالى: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (٧)، قال الجِبْلي (٨): {ذَلِكَ}: ابتداء، و {عَالِمُ}: خبره، و {الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}: نعتُه، ومن قرأ بالخَفْض (٩) فهو شاذ، نعت لقوله: {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، تقديره: من ربِّ العالَمين العزيزِ الرَّحيم، وهذا بعيدٌ لِما بينَهما من الفصول والآيات والكلمات الكثيرة".


(١) معاني القرآن ٣/ ٣٧.
(٢) يعني النحاس، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ١٢١.
(٣) المائدة ١١٧.
(٤) الأنفال ٣٢.
(٥) الروم ١٢.
(٦) البستان ٢/ ٣١.
(٧) السجدة ٦.
(٨) البستان ٢/ ٧٨.
(٩) قرأ: {الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} بالخفض أبو زيد النحوي، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٨، البحر المحيط ٧/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>