للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} قيل (١): الهاء راجعة إلى موسى عليه السّلام، ومعنى الكلام: إن كادت لتبدي به أنه ابنُها من شدة الوجد عليه، وقيل (٢): الهاء عائدة على الوحي؛ أي: إن كادت لتبدي بالوحي الذي أوحينا إليها أن نرده عليها، {لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} فَقوَّيْنا قلبَها (٣)، فعصمناها وثبتناها، {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) أي: المصدِّقين الموقنين بوعد اللَّه تعالى.

قوله: {وَقَالَتْ} يعني: أمه {لِأُخْتِهِ} مريم {قُصِّيهِ}؛ أي: اتْبَعِي أَثَرَهُ حتَّى تعلمي خبره، ومنه القَصَصُ؛ لأنَّهُ حديث يَتْبَعُ فيه الثانِي الأولَ، يقال: قَصَصْتُ الشيءَ: إذا تَتَبَّعْتَ أَثَرَهُ متعرفًا حاله قَصًّا وقَصَصًا، {فَبَصُرَتْ بِهِ}؛ أي: أبصرته {عَنْ جُنُبٍ}؛ أي: عن بُعْدٍ، قال ابن عباس (٤): الجُنُبُ: أن يسمو بَصَرُ الإنسان إلى الشيء البعيد وهو إلى جَنْبِهِ لا يشعر به، قال قتادة: جعلتْ تنظر إليه كأنها لا تريده ولا توهم أنها تراه، وكان يقرأ: {عَنْ جَنْبٍ} بفتح الجيم


= عمرو وأبي العالية، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٣، المحتسب ١/ ١٤٧، ١٤٨، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٥٥، البحر المحيط ٧/ ١٠٢.
(١) قاله ابن عباس وقتادة والفرَّاء وابن قتيبة والزَّجّاج، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٠٣، تأويل مشكل القرآن ص ٢٢٦، جامع البيان ٢٠/ ٤٦، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٣٤، الكشف والبيان ٧/ ٢٣٨.
(٢) قاله الأخفش في معاني القرآن ص ٤٣ وينظر: معاني القرآن للنَّحاس ٥/ ١٦٠، ١٦١، الكشف والبيان ٧/ ٢٣٨.
(٣) قال الزَّجّاج: "والرَّبْطُ على القلب: إِلْهامُ الصبرِ وتشديده وتقويته". معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٣٤.
(٤) ينظر قوله في جامع البيان ٢٠/ ٤٩، الكشف والبيان ٧/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>