للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار عند القائلة، وقد خلت الطرق {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} من بني إسرائيل {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} من القِبْطِ، أراد تسخير الإسرائيلي ليحمل له حطبًا إلى مطبخ فرعون، {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}؛ أي: فاستنصر الإسرائيليُّ موسى على القبطي {فَوَكَزَهُ مُوسَى}؛ أي: دفعه ولم يتعمَّدْ قَتْلَهُ {فَقَضَى عَلَيْهِ (١٥) أي: قتله وفرغ من أمره. وكل شيء فرغتَ منه فقد قضيتَه وقضيت عليه (١)، والوَكْزُ: الدفع، قيل (٢): بِجُمْعِ الكَفِّ، وقيل: بأطراف الأصابع، قاله الفراء (٣) وأبو عُبيد (٤)، وفي مصحف عبد اللَّه: "فنَكَزَهُ" بالنون (٥)، والوَكْزُ والنَّكْزُ واللَّكْزُ واللَّهْزُ بمعنًى واحد، ومعناها: الدفع (٦).

قوله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} ينتظر الأخبار، والترقُّب: انتظار المكروه، والمعنى: أنه ينتظر متى يُؤْخَذُ فيُقْتَلُ بِالقِبْطِيِّ، {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ}؛ أي: يستغيثه، وأصله: من الصُّراخِ، كما يقال: يا لَبَني فلان، يا صَباحاهُ! {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) أي: لَمُضِلٌّ بَيِّنٌ، قتلتُ أمسِ بسببك رجلًا، وتدعونِي اليوم إلى آخَرَ، وعلى هذا الغَوِيُّ: فَعِيلٌ


(١) قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٣٣٠.
(٢) قاله الخليل وأبو عبيدة والزَّجّاج، ينظر: العين ٥/ ٣٩٤، مجاز القرآن ٢/ ٩٩، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٣٧، وحكاه النَّحاس عن مجاهد في معاني القرآن ٥/ ١٦٦، وجُمْعُ الكفِّ: مِلْؤُها حين تَقْبضُها.
(٣) قال الفرَّاء: "وقوله: {فَوَكَزَهُ مُوسَى} يريد: فَلَكَزَهُ". معاني القرآن ٢/ ٣٠٤، هذا ما قاله الفرَّاء، ولم يذكر أن الوكز هو الدفع بأطراف الأصابع أو بغيرها.
(٤) ينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ٢٤١.
(٥) قرأ ابن مسعود أيضًا: "فَلَكَزَهُ" باللام، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٤، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٦٠، البحر المحيط ٧/ ١٠٥.
(٦) حكاه الأزهري عن الكسائي في "التهذيب": "نكز" ١٠/ ١٠٠، ١٠١، و"وكز" ١٠/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>