للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ}؛ أي: نَحْوَها وقَصْدَها ماضيًا إليها هاربًا من فرعون، يقال (١): دارُهُ تِلْقاءَ دارِ فلان: إذا كان مُحاذِيَها، وهو منصوب على الظرف، وقيل: على المصدر، وقيل: مفعول، وأصله من اللقاء، ولم تصرف "مَدْيَن" لأنها اسم بلدة معروفة نُسِبَتْ إِلَى مَدْيَنَ بنِ إبراهيمَ عليه السّلام، قال الشاعر:

٩١ - رُهْبانُ مَدْيَنَ لو رَأَوْكِ تَنَزَّلُوا... والعُصْمُ مِنْ شَعَفِ الجِبالِ الفادِرِ (٢)

{قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢) أي: يرشدني قَصْدَ الطريق إلى مَدْين، وقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ} يعني: موسى -عليه السّلام- {مَاءَ مَدْيَنَ} وهو بئرٌ كانت لهم {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً} جماعةً {مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} مواشيَهم {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ} وهما: ابنتا شُعيب {تَذُودَانِ}؛ أي: تحبسان وتمنعان أغنامهما عن الماء حتَّى يَفْرُغَ الناسُ، وتَخْلُوَ لهُم البئر، ومعنى الذَّوْدِ في اللغة: الطَّرْدُ والكَفُّ والدَّفْعُ، ومعنى {تَذُودَانِ} تدفعان


(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٠١، وينظر: جامع البيان ٢٠/ ٦٥، الكشف والبيان ٧/ ٢٤٣.
(٢) البيت من الكامل لجرير، ورواية ديوانه: "من شَعَفِ العُقُولِ"، ويُرْوَى: "الفادِرُ" بالرفع، ونُسِبَ لِكُثَيِّرِ عَزّةَ.
اللغة: التَّنَزُّلُ: النُّزُولُ في مهلة، العُصْم: جمع أَعْصَمَ وهو الوَعِلُ أو الظبي الذي في ذراعيه بياض، الشَّعَفُ: جمع شَعَفةٍ وهي أعلى كل شيء، وشعف الجبال: رءوسها، الفادر: المُسِنُّ من الوعول.
التخريج: ديوان جرير ص ٣٠٨، ملحق ديوان كثير ص ٥٣١، معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٠٤، الكشف والبيان ٧/ ٢٤٣، تفسير القرطبي ٦/ ٢٥٨، ١٣/ ٢٦٨، معجم البلدان: مدين، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٥٤١، ٢/ ١١٨، اللسان والتاج: رهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>