للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكفان، {قَالَ} لهُما مُوسَى {مَا خَطْبُكُمَا} ابتداءٌ وخَبَرٌ (١)؛ أي: ما شَأْنُكُما لا تَسْقِيانِ مواشِيَكُما مَعَ الناس؟! {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}؛ أي: حتَّى يُصْدِرُوا مَواشِيَهُم من وِرْدِهم.

قرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ والحسن وابن عامر وأبو عَمْرو وأبو جعفرٍ وأيوب بن المتوكل (٢): {يَصْدُرَ} (٣) بفتح الياء وضم الدال، جعلوا الفعل للرِّعاءِ؛ أي: حتَّى يرجِعوا هم عن الماء، وقرأ الباقون بضم الياء وكسر الدال؛ أي: حتَّى يصرفوا مواشيَهم عن الماء (٤)، والرِّعاء: جمع راعٍ، مثل: تاجر وتِجار، ومعنى الآية: نحن امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣)} لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر.

{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} يعني: ظلِّ شجرة مثمرة، {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ}؛ أي: طعام {فَقِيرٌ}؛ أي: محتاج، وكان -عليه السّلام- لم يَذُق الطعام منذ سبعة أيام، قال قطرب (٥): واللام في قوله: {لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ} بمعنى "إلى"، تقول العرب: احتجتُ له، واحتجتُ إليه، بمعنى واحد.


(١) في الأصل: " {قَالَ} لهما موسى ابتداء وخبر {مَا خَطْبُكُمَا}؛ أي: ما شأنكما؟ ".
(٢) من أهل البصرة إمام ثقة ضابط له اختيار تَبِعَ فيه الأثرَ، قرأ على الكسائي ويعقوب الحضرمي، روى عنه عليُّ بنُ المديني ويحيى بن معين، وتوفِّي سنة (٢٠٠ هـ). [غاية النهاية ١/ ١٧٢، الثقات ٨/ ١٢٦، تاريخ بغداد ٧/ ٧، ٨].
(٣) وهي أيضًا قراءة شيبة وقتادة، ينظر: السبعة ص ٤٩٢، حجة القراءات ص ٥٤٣، البحر المحيط ٧/ ١٠٨.
(٤) فحذف المفعول اختصارًا، ينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ١٦٩، ١٧٠، الحجة للفارسي ٣/ ٢٤٩.
(٥) ينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>