للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد: إنّ رحمتي سبقت غضبي، أعطيتكم قبل أن تسألونِي، وغفرت لكم قبل أن تستغفرونِي، ورَحِمتُكُم قبل أن تسترحموني، مَن لَقِيَني منكم يشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأن محمدًا عبدي ورسولِي أَدْخَلْتُهُ الجنةَ" (١).

قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ} عقوبة ونقمة في الدنيا {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من الكفر والمعصية، يعني كفار مكة، {فَيَقُولُوا رَبَّنَا}؛ أي: يا ربنا، نداءٌ مضاف {لَوْلَا}؛ أي: هَلّا {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} نصب على جواب الاستفهام بالفاء، وجواب "لولا" الأَوَّلِ محذوفٌ؛ أي: لَعاجَلْناهُمْ بالعقوبةِ، وقيل: معناه لَما أرسلنا إليهم رسولًا، ولكنّا بعثنا إليهم لئلّا يكون على اللَّه حجةٌ بعد الرسل.

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا} محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- والقرآن {قَالُوا لَوْلَا}؛ أي: هَلّا {أُوتِيَ} محمدٌ من الآيات {مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى} من العصا واليد البيضاء، فاحتجَّ اللَّه عليهم بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}؛ أي: فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد، وقوله: {قَالُوا} يعني: كفّارَ مكة {سِحْرَانِ تَظَاهَرَا}؛ أي: تعاونا على السحر والضلالة، يعنون موسى ومحمدًا عليهما السلام، ومن قرأ: {سِحْرَانِ} (٢) أراد: التوراة والقرآن، وهما رفع على خبر ابتداءٍ محذوف، تقديره: هما ساحران {وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ} من التوراة والقرآن {كَافِرُونَ}.


(١) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٢٥٢، عين المعاني ورقة ٩٨/ أ، الدر المنثور ٥/ ١٢٩، فتح القدير ٤/ ١٧٩.
(٢) قرأ ابن مسعود وزيد بن عَلِيٍّ وعاصمٌ وحمزةُ والكسائيُّ وخلف والمُطَّوِّعِيُّ: {سِحْرَانِ}، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وابن كثير ونافع وأبو جعفر ويعقوب والحسن: {سِحْرَانِ}، ينظر: السبعة ص ٤٩٥، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٧٧، حجة القراءات ص ٥٤٧، البحر المحيط ٧/ ١١٨، الإتحاف ٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>