للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ}؛ أي: بَيَّنّا، وقيل: فَصَّلنا، وقيل: وصَّلنا لهم خير الدنيا بخير الآخرة، حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا، وقيل: والَيْنا وتابَعْنا، وأصلها من: وَصْلِ الحِبالِ بعضِها إلى بعض، قال الشاعر:

٩٤ - فقُلْ لِبَني مَرْوانَ ما بالُ ذِمّةٍ... وحَبْلٍ ضَعِيفٍ ما يَزالُ يُوَصُّلُ؟ (١)

قرأ الحسن: {وَصَّلْنَا} خفيفةً (٢)، وقرأه العامة بالتشديد: على التكثير، {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) أي: لكي يتعظوا ويخافوا، فيؤمنوا.

قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ} يعني: من قبل القرآن، وقيل: من قبل محمد عليه السّلام، {هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) أي: يصدقون بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} يعني: القرآن {قَالُوا آمَنَّا بِهِ}؛ أي: صَدَّقْنا بالقرآن {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ}؛ أي: من قبل القرآن {مُسْلِمِينَ (٥٣)} مخلصين للَّه بالتوحيد مصدِّقين بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نبي حق.

ثم أثنى اللَّه عليهم خيرًا، فقال تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}؛ أي: ضعفين {بِمَا صَبَرُوا (٥٤)} على دينهم الأول حتى أدركوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأسلموا معه أيضًا، وهو ابتداءٌ وخبر، ونصب {مَرَّتَيْنِ} على المصدر.

قيل (٣): نزلت هذه الآية في قوم من أهل الكتاب آمنوا بمحمد عليه السّلام


(١) البيت من الطويل، للأخطل يعاتب بني أمية لأنهم لم يدافعوا عن تَغْلِبَ، ورواية ديوانه:
فسائِلْ بَنِي مَرْوانَ. . .
التخريج: ديو انه ص ٢٣٠، مجاز القرآن ٢/ ١٠٨، جامع البيان ٢٠/ ١٠٧، الكشف والبيان ٧/ ٢٥٤، عين المعاني ورقة ٩٨/ أ، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٩٥، البحر المحيط ٧/ ١٢٠.
(٢) ينظر: تفسير القرطبي ١٣/ ٢٩٥، البحر المحيط ٧/ ١١٩، الإتحاف ٢/ ٣٤٤.
(٣) قاله قتادة، ينظر: جامع البيان ٢٠/ ١٠٩، زاد المسير ٦/ ٢٢٩، عين المعاني ورقة ٩٨/ ب، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>