للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنا لَنَعْلَمُ أن الذي تقول حق، ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافةُ أن تتَخَطَّفَنا العَرَبُ من أرضنا، يعني: مكة، فإنما نحن أَكَلةُ رَأْسٍ (١) بين العرب، ولا طاقة لنا بهم، فقال اللَّه تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ} يعني: يُجمَع، من قولك: جَبَيْتُ الماءَ في الحوض: إذا جَمَعْتَهُ، وقيل: يُحمل إلى الحرم {ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} يعني: من ألوان النبات {رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} أي: من عندنا {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ} يعني: أكثر أهل مكة {لَا يَعْلَمُونَ (٥٧)} يقول: يأكلون رزقي ويعبدون غيري وهم آمنون فِي الحرم من القتل والسبي، فكيف يخافون لو أسلموا؟! أنجعل لهم الحرمَ آمنًا في الشرك ونخوِّفهم فِي الإسلام؟! فإنّا لا نفعل بهم ذلك لو أسلموا.

قرأ أهل المدينة ويعقوب وسهل: {تُجْبَى} بالتاء: على تأنيث الجماعة، وقيل: لأجل الثمرات (٢)، واختاره أبو حاتم، وقرأ غيرهم: {يُجْبَى} بالياء (٣) على تذكير الجمع، وقيل: لأجل {كُلِّ شَيْءٍ}، واختاره أبو عبيد، وثَمَراتٌ: جمع ثَمَرةٍ، وثَمَرٌ جَمْعُهُ؛ ثِمارٌ (٤)، ونصب {رِزْقًا} مهو على المصدر؛ أي: رزقناهم رزقًا من عندنا، وقيل: على المفعول من أجله (٥).


(١) قال الجوهري: "وقولهم: هم أَكَلةُ رَأْسٍ؛ أي: هم قليل يشبعهم رأس واحد". الصحاح ٤/ ١٦٢٤.
(٢) يعني: لأجل تأنيث لفظ الثمرات.
(٣) ينظر: السبعة ص ٤٩٥، حجة القراءات ص ٥٤٨، البحر المحيط ٧/ ١٢١، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٣٤٥.
(٤) في الأصل: "وثمرات جمع ثمر، وثمر جمع ثمار"، والتصويب من إعراب القرآن للنَّحاس ٣/ ٢٤٠.
(٥) وفيه وجه ثالث وهو أن يكون حالا من {ثَمَرَاتُ} لتخصيصها بالإضافة، وهو على هذا مصدر بمعنى المفعول؛ أي: مرزوقًا من لدنا، ينظر: الفريد ٣/ ٧٢٠، ٧٢١، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٠٠، الدر المصون ٥/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>