للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} خبر الابتداء، الخطاب لأهل مكة؛ أي: وما أُعْطِيتُمْ من خير ومالٍ فهو متاع الحياة الدنيا {وَزِينَتُهَا} تتمتعون فيها أيامَ حياتِكم فِي الدنيا، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ} يعني: من الثواب في الآخرة {خَيْرٌ وَأَبْقَى}؛ أي: أفضل وأَدْوَمُ لأهله مما أُعْطِيتُمْ في الدنيا الفانية، {أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٠)} أنّ الباقيَ خيرٌ من الفانِي الذاهب، قرأ أبو عمرو: {أَفَلَا يَعْقِلُونَ} بالياء (١)، وقرأ الباقون بالتاء.

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} يعنِي: مِنْ خَلْقِهِ للرسالة، {وَيَخْتَارُ} لَها مَنْ يَشاءُ {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (٦٨) أي: لا يُرسلُ اللَّه الرسُلَ على اختيارهم، والخِيَرةُ: اسم من الاختيار يُقامُ مُقامَ المصدر (٢)، والْخِيَرةُ: اسم للمُخْتارِ أيضًا (٣)، يقال: مُحَمَّدٌ خِيَرةُ اللَّه مِن خَلْقِهِ، ويَجُوزُ التخفيف فيهما (٤).

وهذا جوابٌ لقول الوليد بن المغيرة: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ


(١) قرأ الدُّورِيُّ عن أبي عمرو: {يَعْقِلُونَ} بالياء، ورُوِيَ عن أبي عمرو أيضًا التخيير بين الغيب والخطاب، ينظر: السبعة ص ٤٩٥، النشر ٢/ ٣٤٢، البحر المحيط ٧/ ١٢٢، الإتحاف ٢/ ٣٤٥.
(٢) هذا هو المشهور، وقال الليث: "الخِيرةُ خفيفةً: مصدر اختار خِيرةً مثل: ارتاب رِيبة، وكل مصدر لـ "أَفْعَلَ" فاسم مصدره "فَعالٌ" نحو: أفاق يفيق فَواقًا، وأَصابَ يصيب صوابًا، وأجاب يجيب جوابا، أقيم ا لاسم مقام المصدر". التهذيب ٧/ ٥٤٨، وينظر: الصحاح ٢/ ٦٥٢، اللسان: خير.
(٣) قاله الفرَّاء في معانِيه ٢/ ٣٠٩، وينظر: إصلاح المنطق ص ١٦٩، التهذيب ٧/ ٥٤٧، ٥٤٩.
(٤) يعني إسكان الياء، قاله ابن السكيت والأزهري والجوهري، ينظر: إصلاح المنطق ص ١٦٩، تهذيب اللغة ٧/ ٥٤٨، الصحاح ٢/ ٦٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>