للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (١)، أخبر اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- أنه لا يبعث الرسل باختيارهم، وهذا من الجواب المفصول.

وللقُرّاءِ في هذه الآية وجهان (٢)، أحدهما: أن يَمُرَّ على قوله: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}، ويجعل "ما" بمعنى "الذي"، أي: ويَخْتارُ لهم ما هو أصلح بالخيرة، والثانِي: أن يقف على قوله: {وَيَخْتَارُ} ويجعل "ما" نفيًا؛ أي: ليس لهم الاختيار.

قال الثعلبي (٣) -رحمه اللَّه-: وهذا القول أصوب وأعجب إِلَيَّ، كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٤)، وأَنْشَدَ لمحمودٍ الورّاق (٥):

٩٥ - تَوَكَّل عَلى الرحمَنِ في كُلِّ حاجةٍ... أَرَدتَ فإِنَّ اللَّه يَقضي ويَقدِرُ

مَتى ما يُرِد ذو العَرشِ أَمرًا بِعَبدِهِ... يُصِبهُ وما لِلعَبدِ ما يَتَخَيَّرُ


(١) الزخرف ٣١.
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٥١، ١٥٢، إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٢٣، ٨٢٤، المكتفى في الوقف والابتدا ص ٢٨١، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٠٥، البحر المحيط ٧/ ١٢٤.
(٣) هو: أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري، مفسر مقرئ واعظ أديب، توفي سنة (٤٢٧ هـ)، من كتبه: الكشف والبيان عن تفسير القرآن، عرائس المجالس. [إنباه الرواة ١/ ١٥٤، الأعلام ١/ ٢١٢]، وقوله في كتابه الكشف والبيان ٧/ ٢٥٨.
(٤) الأحزاب ٣٦.
(٥) هو: محمود بن الحسن، أبو الحسن الوراق البغدادي، خَيْرُ شاعرٍ مجودٍ، أكثر نظمه في المواعظ، روى عنه ابن أبي الدنيا، توفِّي سنة (٢٢٥ هـ). [طبقات فحول الشعراء ص ٣٦٧، ٣٦٨، سير أعلام النبلاء ١١/ ٤٦١].

<<  <  ج: ص:  >  >>