للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: يوصينا أن نفعل خيرًا، وهو مثلُ قوله تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحًا} (١)؛ أي: يَمْسَحُ مَسْحًا، وقيل (٢): معناه: ألزمناه حُسنًا.

قيل: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وَقّاص الزُّهْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- وكان بارًّا بأُمِّهِ حَمْنةَ بنتِ أبي سفيان بن أُمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فلما أسلم قالت: يا سعد! قد بلغني أنك صَبَوْتَ، فواللَّه لا يُظِلُّنِي سقفُ بيتٍ من شمس ولا ريح، وإن الطعامَ والشرابَ عَلَيَّ حرامٌ حتى تكْفُرَ بمحمد وترجعَ إلى الدِّينِ الذي كنتَ عليه، فأَبَى عليِها ذلك، فبقيتْ على حالها لا تَطعمَ ولا تشرب، ولا تَسْتَكِنُّ من ريح ولا شمس، ولا من حَرٍّ ولا بَرْدٍ ولا مطرٍ، فلما خَلَص إليها الجوع لم يكن لها بُدٌّ من أن تأكل وتشرب وتَسْتَكِنَّ، فحَث اللَّه سعدا على البِرِّ بِأمِّهِ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيةَ والتي في "لقمان" و"الأحقاف" (٣)، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يَتَرَضّاها ويُحْسِنَ إليها، ولا يطيعَها في الشرك، فقال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} على أن تجعل لي مِثْلًا أو عِدْلًا أو صاحبة أو ولدًا {فَلَا تُطِعْهُمَا}، فإنك إن فعلت لم يكن لك علمٌ في ذلك، {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا، وكان سعدٌ أَحَبَّ ولدِها إليها.


(١) ص ٣٣.
(٢) يعني: على تضمين {وَصَّيْنا} معنى: أَلْزَمْنا، وقد ورد هذا القول بغير عزو في الكشف والبيان ٧/ ٢٧١، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٢٩، الدُّر المصون ٥/ ٣٦١.
(٣) سورة لقمان ١٤، ١٥، وسورة الأحقاف ١٥، والخبر رواه الإمام أحمد في المسند ١/ ١٨١، ١٨٦، ومسلم في صحيحه ٧/ ١٢٥، ١٢٦ كتاب فضائل الصحابة: باب في فضل سعد بن أبِي وَقّاصٍ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٩/ ٢٦ كتاب السير: باب "المسلم يتوقى في الحرب قتل أبيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>