للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} يعني: بِرًّا بهما، وعَطْفًا عليهما، قرأه العامة بضمِّ الحاء وجزم السين، وقرأ أبو رجاءٍ العُطاردي بفتح الحاء والسين، وفِي مصحف أُبَيٍّ: "إحسانًا" (١)، قال الزَّجّاج (٢): معناه: ووصَّينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما يَحْسُنُ.

واختلف النحاة فِي نصب الحُسْنِ، فقال أهل البصرة (٣): على التكرير، تقديره: ووصيناه حُسنًا، أي: بالحسن، كما تقول: وَصَّيْتُهُ خَيْرًا، أي: بخير، وقال أهل الكوفة (٤): معناه: ووصَّينا الإنسان أن يفعل حُسْنًا، فحذفه لدلالة الكلام عليه، كقول الراجز:

١٠٥ - عَجِبْتُ مِنْ دَهْماءَ إِذْ تَشْكُونا

ومِنْ أَبي دَهْماءَ إذْ يُوصِينا

خَيْرًا بِها كأننا جافُونا (٥)


(١) قرأ أبو رجاء العطاردي وعيسى بن عمر وعاصم الجحدري وأبو العالية والضحاك: {حُسْنًا} بفتح الحاء والسين، وقرأ أُبَيٌّ وعاصم الجحدري: {إِحْسانًا}، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٥، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٢٩، مفاتيح الغيب ٢٥/ ٣٥، البحر المحيط ٧/ ١٣٨.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٦١.
(٣) قاله الأخفش بنصه تقريبًا في معاني القرآن ص ٤٣٦.
(٤) قاله الفرَّاء في معاني القرآن ٢/ ١٢٥، عند الآية ٢٣ من سورة الإسراء، قال أبو حيان: "وفِي هذا القول حذف "أَنْ" وصلتها وإبقاء المعمول، وهو لا يجوز عند البصريين". البحر المحيط ٧/ ١٣٨.
(٥) الأبيات من الرجز المشطور، لم أقف على قائلها، ويُروى الثالث: "كَأَنَّما خافُونا".
التخريج: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ١٢٠، جامع البيان ٢٠/ ١٦٠، الكشف والبيان ٧/ ٢٧١، المحرر الوجيز ٤/ ٣٥٨، زاد المسير ١/ ١٥٨، عين المعاني ورقة ٩٩/ ب، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٢٩، البحر المحيط ٧/ ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>