للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا} يعني كفّار مكة، قرأ الكوفيون -سوى حفص- بالتاء: على الخطاب لهم، وقرأ الباقون بالياء على الغَيْبة (١)، {كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ} يعني: كيف يخلقهم ابتداءً: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة إلى تَمامِ الخَلْقِ؟ {ثُمَّ يُعِيدُهُ} في الآخرة عند البعث؟ {إِنَّ ذَلِكَ} يريد: الخلق الأول والخلق الآخِر {عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}؛ أي: ابحثوا فانظروا إلى مساكن القرون الماضية وديارهم وآثارهم، هل تَجدون خالقًا غير اللَّه؟ فإذا علموا أنه لا خالِقَ ابتداءً إلّا اللَّهُ لزمتهم الحجة فِي الإعادة، وهو قوله تعالى: {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ}؛ أي: ثم اللَّه الذي خلقها وبدأ خلقها يُنْشِئُها نَشْأةً ثانية بعد الموت، وفيها لغتان: نَشاءةٌ بالمد، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرٍو والحَسَنِ حيث كان (٢)، ونَشْأةٌ بالقصر وتسكين الشين، وهي قراءة الباقين.

قال الفراء (٣): وهي مثل الرَّأْفةِ والرآفةِ، والكَأْبةِ والكَآبةِ، كُلٌّ صَوابٌ. {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من البدء والإعادة {قَدِيرٌ (٢٠)}.

قوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١)} تُرَدُّونَ، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}، اختلف أهل المعاني في


(١) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر، وعاصمٌ في رواية حفص: {أَوَلَمْ يَرَوْا} بالياء، وقرأ حمزةُ والكسائي، وأبو بكر عن عاصم، وخلفٌ والشنبوذي والأعمش وابن وثاب بالتاء، ينظر: السبعة ص ٤٩٨، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٣٦، البحر المحيط ٧/ ١٤١، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٣٤٨، ٣٤٩.
(٢) وهي أيضًا قراءة ابن محيصن واليزيدي، ينظر: السبعة ص ٤٩٨، حجة القراءات ص ٥٤٩، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٣٧، ١٧/ ١١٨، ٢١٧، التيسير ص ١٧٣، الإتحاف ٢/ ٣٤٩.
(٣) معاني القرآن ٢/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>