للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ}؛ أي: واذكرْ لوطًا إذ قال لقومه، وقيل: معناه: وأرسلنا لوطًا إلى قومه {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} يعني إتيان الرجال في أدبارهم، وكانوا لا يأتون إلّا الغُرَباءَ {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا} يعني الفاحشة {مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨)} يعني: فيما مضى قبلكم، و"مِن" الأولى صلة.

قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} يعني: قَلْبًا، وهو نصب على البيان (١)، وقد تقدم تفسيره في سورة هود (٢)، {وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} يعني: بناتِه. قرأ ابن كثير والكوفيون -سوى حفص-: {إِنَّا مُنْجُوكَ} بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد (٣)، قال المبرد (٤): والكاف في قوله: {مُنَجُّوكَ} مخفوضة، ولم يَجْرِ عَطْفُ الظاهر على المضمر المخفوض، فمحل الثاني على المعنى، وصار التقدير: ونُنْجِي أَهْلَكَ، أو: ومُنَجُّونَ أَهْلَكَ.

ثم استثنى إمرأته، فقال تعالى: {وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٣)} يعني: من الباقين في العذاب، فهلك قوم لوط، ثم هلكت بَعْدُ بحَجَرٍ أصابها فقتلها، ورَوَى أبو ماجدٍ (٥) عن مَن رَأَى امرأةَ لوطٍ ممسوخةً حَجَرًا يحَيْض عند كل شهر (٦).


(١) يعني على التمييز، وهو محول عن الفاعل؛ أي: ضاق ذرعه بهم، ينظر: اللسان: ذرع.
(٢) الآية ٧٧، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(٣) ينظر: السبعة ص ٥٠٠، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٤٣، النشر ٢/ ٣٤٣، الإتحاف ٢/ ٣٥١.
(٤) المقتضب ٤/ ١٥٢، الكامل في اللغة والأدب ١/ ٣٦٤.
(٥) لعله عائذ بن نضلة الحنفي أو العجلي، قال البخاري والنسائي: منكر الحديث جدًّا، قال الدارقطني: مجهول متروك، روى عنه يحيى الجابر، [التاريخ الكبير ٩/ ٧٣، الضعفاء والمتروكين ص ٢٥٣، تهذيب الكمال ٣٤/ ٢٤١].
(٦) هذا الخبر رواه ابن عدي عن أبِي الجلد في الكامل في الضعفاء ١/ ٢٠١، وينظر: تاريخ =

<<  <  ج: ص:  >  >>