للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِلَى مَدْيَنَ}؛ أي: وأرسلنا إلى مدين {أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} وهو: شعيب بن نُوَيْبِ بن مدين بن إبراهيمَ خليلِ الرحمن، {فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ}؛ أي: وَحِّدُوا اللَّه وأطيعوه فيما أمركم به، {وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} يعني: واخْشَوُا البَعْثَ الذي فيه جزاء الأعمال، {وَلَا تَعْثَوْا} يعني: تَسْعَوْا {فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦)} يعني: بالمعاصي فِي شأن المكيال والميزان، وهو الفساد في الأرض، ونصب {مُفْسِدِينَ} على الحال، وقد تقدم النظير والتفسير.

قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ} وهما ابنا عَمٍّ. وقرأ حمزة وحفص: {وَثَمُودَ} (١) بغير تنوين، والتقدير: وأهلكنا عادًا وثمودَ، وكذلك قوله تعالى: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} عطفٌ على عاد فِي جميع أموره، وهي أسماء أعجمية مَعرِفة، فلذلك لم تنصرف.

قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}؛ أي: عاقَبْنا بتكذيبه، ونصب "كُلًّا" بـ "أَخَذْنا"، {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} ريحًا تأتي بالحصباء، وهو: صغار الحصى، وهم قوم لوط، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} يعني: ثمودَ قومَ صالح {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ} يعني قارون وأصحابه، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} يعني: فرعون وقومه وقوم نوح، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} فيعذبهم على غير ذنب {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)}، ومحل "مَنْ": رفع في الجميع على: خبر الصفة (٢)، و {أَنْفُسَهُمْ}: نصب بوقوع {يَظْلِمُونَ} عليه.


= دمشق ٥٠/ ٣٢٦، ٣٢٧، ميزان الاعتدال ١/ ١٣٤، الدر المنثور ٣/ ٣٤٥.
(١) وقرأ الباقون بالتنوين، ينظر: السبعة ص ٣٣٧، حجة القراءات ص ٣٤٤، ٣٤٥، النشر ٢/ ٢٨٩، البحر المحيط ٧/ ١٤٧.
(٢) هذا على مذهب الكوفيين، يرفعون ما بعد الظرف والجار والمجرور على أنه فاعل بهما، ينظر في ذلك: الإنصاف ص ٥١، شرح الكافية للرضي ١/ ٢١٦: ٢١٨، ارتشاف الضرب ص ١١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>