للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ضرب لهم مثلًا، فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} يعني الأصنام يَرْجون نصرَها ونفعها عند حاجتهم إليها {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} فكما أن بيت العنكبوت لا يدفع عنها بَرْدًا ولا حَرًّا، كذلك هذه الأوثان لا تملك لعابدها نفعًا ولا ضرًّا.

قوله: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ}؛ أي: أضعف البيوت كلها {لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)} يعني: إِنْ كانوا يعلمون أن بيت العنكبوت لا بَيْتَ أَضْعَفُ منه فيما تتخذه الهَوامُّ، ولا أَقَلُّ وقايةً من حَرٍّ أو بَرْدٍ، وهذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- للكفار. قال النحاة (١): العنكبوت مؤنثة للتاء التي فيها، وقد يذكِّرها بعض العرب، وأنشد الفراء (٢):

١٠٧ - على هَطّالِهمْ منهُمْ بُيُوتٌ... كأَنَّ العَنْكَبُوتَ هُوَ ابْتَناها (٣)

وسُمِّيَت العنكبوتَ لأنها تُعَنْكِبُ بَيْتَها بعضَهُ على بعض، ووَزْنه: "فَعْلَلُوتٌ"، وفي جمعها وجوه، يقال: عَناكِبُ وعَناكِيبُ وعِكابٌ وعُكُبٌ وأَعْكُبٌ، وحُكِيَ أنه يقال أيضًا: عَنْكَبٌ (٤).


(١) قال الفرَّاء: "العنكبوت يُؤَنَّثُ ويُذكَّرُ، والتأنيث أكثر، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} ". المذكر والمؤنث للفرَّاء ص ٩٢، وينظر: المذكر والمؤنث للسجستانِي ص ١٨٢، المذكر والمؤنث لابن التستري ص ٥٢، ٥٥.
(٢) في معاني القرآن ٢/ ٣١٧، والمذكر والمؤنث له أيضًا ص ٩٢.
(٣) البيت من الوافر، لم أقف على قائله، ويروى: "على أَهْطالِهِمْ"، والهَطّالُ: اسم جبل.
التخريج: التهذيب ٣/ ٣٠٩، الكشف والبيان ٧/ ٢٨٠، المخصص ١٧/ ١٧، معجم البلدان ٥/ ٤٦٩، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٤٢٦، ديوان الأدب ١/ ٣٢٩، شمس العلوم ١٠/ ٦٩٤٩، عين المعاني ورقة ٩٩/ ب، تفسير القرطبي ١٣/ ٣٤٥، ٣٤٦، اللسان: عنكب، هطل، البحر المحيط ٧/ ١٤٨، الدر المصون ٥/ ٣٦٦، خزانة الأدب ٥/ ٨٧، تاج العروس: عكب، هطل.
(٤) من أول قوله: "وفي جمعها وجوه" قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>