للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، وكان إبراهيم خليلُ اللَّه يقولها في كل يوم وليلة ستَّ مرات" (١).

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ} يعني: دلائل قدرته {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا (٢٤)} يعني بالخوف: للمسافر (٢) من الصواعق، وبالطمع: للمقيم الحاضر في المطر، وهما منصوبان على المصدر.

وأصل {يُرِيكُمُ}: أَنْ يُرِيَكُمْ، فلما حذفت "أَنْ" رجع الفعل إلى الرفع (٣)، وإنما حذف "أَنْ" من قوله: {يُرِيكُمُ} لدلالة الكلام عليه، كقول طرفة:


(١) رواه الثعلبي في الكشف والبيان ٧/ ٢٩٩، وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦/ ٢١٣، عن محمد بن واسع، وقد روى الإمام أحمد في المسند ٣/ ٤٣٩ بسنده عن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم لِمَ سَمَّى اللَّهُ -تبارك وتعالى- إبراهيمَ خليلَهُ الذي وَفَّى؟ لأن كان يقول كلما أصبح وأمسى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧)} " حتى يختم الآية.
(٢) بعد هذه الكلمة جاء النص مضطربًا في الأصل على النحو التالِي: "وأصل {يُرِيكُمُ}: أن يريكم، فلما حذفت "أَنْ" رجع الفعلُ إلى الرَّفع، {مِنَ الصَّوَاعِقِ}، وبالطمع للمقيم الحاضر في المطر، وهما منصوبان على المصدر، وإنما حذفت "أَنْ" من قوله: {يُرِيكُمُ} لدلالة الكلام عليه". وقد رأيت تعديل النص على الوجه المثبت.
(٣) هذا قول الفرَّاء والأخفش، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٢٣، معاني القرآن للأخفش ص ٤٣٧، وأما سيبويه فإنه يجعل مثل هذا قليلًا، فقال: "ولو قلت: مُرْهُ يَحْفِرُها على الابتداء كان جيدًا، وقد جاء رفعه على شيء هو قليل في الكلام على مُرْهُ أَنْ يَحْفِرَها، فإذا لم يذكروا "أَنْ" جعلوا الفعل بمنزلته في: عَسِينا نَفْعَلُ. وهو في الكلام قليلٌ، لا يكادون يتكلمون به. . . وسألته عن قوله، عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (٦٤)} فقال: {تَأْمُرُونِّي} كقولك: هو يقول: ذاك بَلَغَنِي، فـ "بَلَغَنِي" لغو، فكذلك {تَأْمُرُونِّي}، كأنه قال: فيما تأمرونِي، كأنه قال: فيما بلغني، وإن شئت كان بمنزلة:
أَلا أَيُّهَذا الزّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغَى". =

<<  <  ج: ص:  >  >>