للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنوب شيءٌ أَعْظَمَ من الشرك باللَّه، فمن قرأ: {يَابُنَيَّ} (١) بالكسر، فمحله: نصبٌ؛ لأنه نداء مضاف، فأراد: "بُنَيِّيَ"، وكذلك من قرأه بالنصب، إلا أنه قَلَبَ خَفْضَ ياءِ الإِضافةِ أَلِفًا (٢)، فصار "يا بُنَيّا"، فحذف الألف، واجْتَزَأَ بالفتحة، ومَن كَسَرَ فلِأَنَّهُ كَرِهَ اجتماعَ الياءات والحركة عليها.

قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} يعني: سعد بن أَبي وقاص {بِوَالِدَيْهِ} يعني أباه -واسمه مالك- وأُمَّهُ حَمْنةَ، وقد مضت القصة في سورة العنكبوت (٣).

وقوله: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} قيل: شِدّةً بعد شِدّةٍ، وقيل: ضَعْفًا على ضَعْفٍ؛ أي: كُلَّما عَظُمَ خَلْقُهُ فِي بطنها زاد ضَعْفُها، وقيل: جُهْدًا على جُهْدٍ، وقيل: مَشَقّةً على مَشَقّةٍ. وهو نصب على المصدر (٤)، وقيل (٥): على نزع الخافض، تقديره: حملته أمه بوهن؛ أي: بضعف.


(١) قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ}، {يَابُنَيِّ إِنَّهَا}، {يَابُنَيِّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} بكسر الياء في ثلاثتها، وقرأ ابن كثير: {يَابُنَيِّ إِنَّهَا} بكسر الياء فقط، وقرأ الباقون وحفصٌ والمفضلُ عن عاصم: {يَابُنَيَّ} بفتح الياء في جميع القرآن، ينظر: السبعة ص ٣٣٤، ٥١٢، ٥١٣، حجة القراءات ص ٥٦٤، البحر ٧/ ١٨٢، النشر ٢/ ٢٨٩، الإتحاف ٢/ ١٢٦، ٣٦٢.
(٢) هذا سهو منه، بل الذي قُلِبَ أَلِفًا إنما هو ياءُ الإضافة نفسُها.
(٣) انظر ٢/ ٨.
(٤) على حذف عامِلِهِ؛ أي: تَهِنُ وَهْنًا، وعلى هذا فجملة "تَهِنُ وَهْنًا" في موضع النصب على الحال، قال الزمخشري: "حَمَلَتْهُ تَهِنُ وَهْنًا على وَهْنٍ، كقولك: رَجَعَ عَوْدًا على بَدْءٍ، هو في موضع الحال". الكشاف ٣/ ٢٣٢، ويجوز أن يكون المصدر نفسه حالًا على معنى: ذاتَ وَهْنٍ، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٤٤، الدر المصون ٥/ ٣٨٧.
(٥) هذا قول النَّحاس ومكي، ينظر: إعراب القرآن ٣/ ٢٨٥، مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٨٣، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٢٥٥، الدر المصون ٥/ ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>