للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا}؛ أي: نُعَمِّرُهُمْ ونُمْهِلُهُمْ قليلًا، يعني: أَيّامَ حياتهم إلى انقضاء آجالهم، ونصب {قَلِيلًا} على النعت لمصدر محذوف، يعني: متاعًا قليلًا بما أُعطوا من الدنيا، {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ} يريد: فِي الآخرة، أي: نُلْجِئُهُمْ {إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)} وهو عذاب النار لا يجدون عنه ملجأً ولا محيصًا.

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}؛ أي: بُرِيَتْ أَقْلَامًا {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} قرأ ابن أَبي إسحاق (١) وأبو عمرو ويعقوب: {وَالْبَحْرَ} بالنصب (٢) عطفًا على اسم "أَنَّ"، وهو "ما" الذي بمعنى "الَّذِي"، ويحتمل أن يكون منصوبًا بإضمار فعلٍ تفسيرُه ما بعده تقديره: ويُمِدُّ البحرَ يُمِدُّدُ (٣).

وقرأ غيرهم بالرفع على الاستئناف، كأنه قال: والبحرُ هذه حاله (٤)، وقيل (٥): على موضع "لَوْ أَنَّ" تقديره: ولو كان ما في الأرض، لأن "لو"


(١) في الأصل: "أبو إسحاق".
(٢) وهي أيضًا قراءة اليزيدي، ينظر: السبعة ص ٥١٣، تفسير القرطبي ١٤/ ٧٧، البحر المحيط ٧/ ١٨٦، الإتحاف ٢/ ٣٦٤.
(٣) وعلى هذا فالواو واو الحال، والتقدير: لو أن الذي في الأرض حال كون البحر ممدودًا بكذا، ينظر: كشف المشكلات ٢/ ٢١٨، البيان للأنباري ٢/ ٢٥٦، التبيان للعكبري ص ١٠٤٥، الدر المصون ٥/ ٣٩٠.
(٤) قال سيبويه: " {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}، وقد رفعه قوم على قولك: لو ضربتَ عبدَ اللَّه وزيدٌ قائم ما ضَرُّكَ؛ أي: لو ضربت عبدَ اللَّه وزيدٌ فِي هذه الحال، كأنه قال: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر هذا أَمْرُهُ ما نفدت كلمات اللَّه". الكتاب ٢/ ١٤٤.
(٥) هذا قول الزُّجّاج في معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٠٠، وهذا يتجه على مذهب المبرد في أن الاسم الواقع بعد "لو" مرفوع على الفاعلية بفعل مضمر، ينظر: المقتضب ٣/ ٧٧، وأما على مذهب سيبويه فما بعد "لو" مرفوع بالابتداء، ينظر: الكتاب ٣/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>