للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطلب الأفعال، وحجتهم قراءة عبد اللَّه: {وَبَحْرٌ يُمِدُّهُ} (١)، يريد: ويَنْصَبُّ إليه {مِنْ بَعْدِهِ}؛ أي: مِنْ خَلْفِهِ {سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} يعني: عِلْمُ اللَّه وعجائبه، {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} في ملكه {حَكِيمٌ (٢٧)} في أمره، وهذه الآية تقتضي أن كلامه غير مخلوق؛ لأن ما لا نهاية له ولما تَعَلَّقَ به من معناه فهو غير مخلوق.

وقد حُكِيَ: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} (٢) بضم الياء وكسر الميم على أنهما لغتان بمعنًى واحد، وحُكِيَ التفريقُ بينهما، يقال فيما كان يزيد في الشيء: مَدَّهُ يَمُدُّهُ، كما تقول: مَدَّ النيلُ الخليجَ؛ أي: زاد فيه، وأَمَدَّ اللَّهُ الخليجَ بالنيل، وهذا أحسن القولين، وهو مذهب الفراء (٣).

ويجوز: "تَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سبْعةُ أَبْحُرٍ" (٤) على تأنيث السبعة (٥)، والمعنى: لو زِيدَ في البحر سبعةُ أَبْحُرٍ تَمُدُّهُ بمائها، فكُتِبَ بتلك الأقلامِ، لَنَفِدَ المِدادُ قبل أن ينفد علم اللَّه، وهو قوله: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}.

قال طاهر بن أحمد (٦): وفي قراءة من رفع "البحرَ" إشكال يحتاج إلى لطف نظر، فـ {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} جملة من مبتدأ وخبر في موضع الحال، وإذا


(١) وهي أيضًا قراءة أُبَيٍّ وطلحةَ بنِ مُصَرِّفٍ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٨، المحتسب ٢/ ١٦٩، ١٧٠، تفسير القرطبي ١٤/ ٧٧، البحر المحيط ٧/ ١٨٦.
(٢) هذه قراءة ابن مسعود والحسن وابن هرمز وابن مُطَرِّفٍ، ينظر: المحتسب ٢/ ١٦٩ - ١٧٠، تفسير القرطبي ١٤/ ٧٧، البحر المحيط ٧/ ١٨٦، الإتحاف ٢/ ٣٦٤.
(٣) معاني القرآن ٢/ ٣٢٩ باختلاف في الألفاظ.
(٤) هذه بالفعل قراءة شاذة لبعض القراء، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٨٨.
(٥) من أول قوله:، "وحُكِيَ التفريق بينهما. . . " قاله النَّحاس في إعراب القرآن ٣/ ٢٨٨.
(٦) شرح المقدمة المُحسبة لطاهر بن أحمد ص ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>