للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما شَبَّهَ الموجَ، وهو. واحدٌ، بالظُّلَلِ، وهو جَمْعٌ؛ لأن الموج يأتِي شيئًا بعد شيء، يركب بعضه بعضًا كالظُّلَلِ المتتابعة (١)، وقيل (٢): هو بمعنى الجمع، وإنما لم يُجْمَعْ لأنه مصدر وأصله من الحركة والازدحام.

وقوله: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} يعني: مُوَحِّدِينَ {لَهُ الدِّينَ}؛ أي: التوحيد، ونصب {مُخْلِصِينَ} على: الحال، و {الدِّينَ}: نصب بالإخلاص.

قوله: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} يعني: عَدْلًا فِي وفاء العهد فِي البِرِّ بما عاهد عليه اللَّهَ في البحر من التوحيد له، يعني: المؤمن، {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا} يعني: يترك العهد {إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)} يعني: غدارًا بالعهد كفورًا للَّه في نِعَمِهِ في ترك التوحيد في البَرِّ. قال أبو عبيدة (٣): الخَتْرُ: أقبح الغدر، قال عمرو بن معدي كرب (٤):

١٢٢ - وإنَّكَ لو رَأَيْتَ أبا عُمَيرٍ... مَلأْتَ يَدَيْكَ مِنْ غَدْرٍ وخَتْرِ (٥)


= التخريج: ديوانه ص ١٨٠، مجاز القرآن ٢/ ١٢٩، جامع البيان ٢١/ ١٠٢، الكشف والبيان ٧/ ٣٢٢، المحرر الوجيز ٤/ ٣٥٥، عين المعاني ورقة ١٠١/ ب، تفسير القرطبي ١٤/ ٨٠، الجمان في تشبيهات القرآن ص ١٢٨.
(١) قاله الفرَّاء في معاني القرآن ٢/ ٣٣٠، وينظر أيضًا: جامع البيان ٢١/ ١٠٢، الكشف والبيان ٧/ ٣٢٢.
(٢) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٧/ ٣٢٢، وينظر: تفسير القرطبي ١٤/ ٨٥، البحر المحيط ٧/ ١٨٨.
(٣) مجاز القرآن ٢/ ١٢٩.
(٤) هو: عمرو بن مَعْدِي كَرِب بن ربيعة بن عبد اللَّه الزبيدي، أبو ثور، فارس اليمن، كان قد أسلم ثم ارتد بعد وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم رجع إلى الإسلام، وشهد اليرموك، وفقد فيها إحدى عينيه، وله شعر جيد، وكان عَصِيَّ النفس، مات على مقربة من الرِّيِّ سنة (٢١ هـ). [الشعر والشعراء ص ٣٧٩، الإصابة ٤/ ٥٦٨: ٥٧٤، الأعلام ٥/ ٨٦].
(٥) البيت من الوافر، وأبو عمير هو فَرْوةُ بن مُسَيْكٍ المرادي عامل الرسول على مَذْحِجٍ، وكان عمرو يهجوه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>