للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الْعَزِيزُ} الممتنع في ملكه {الرَّحِيمُ (٦)} بأهل طاعته، و {ذَلِكَ}: ابتداء، و {عَالِمُ}: خبره، و {الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}: نعته، ومن قرأ بالخفض (١) فهو شاذ، نعت لقوله: {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، تقديره: من رب العالمين العزيز الرحيم، وهذا بعيد لِما بينَهما من الفصول والآيات والكلمات الكثيرة.

ثم وصف نفسه، فقال: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}؛ أي: أتقنه وأحكمه، وقيل: حَسَّنَهُ، خلق السماء فزَيَّنَها بالكواكب، وخلق الأرض فزَيَّنَها بالنبات، وخلق ابن آدم فزَيَّنَهُ بالأدب، وقال السُّدِّيُّ: أَحْسَنَهُ (٢): لم يتعلمه من أحد، والإحسان: العِلْمُ، يقال: فلان يُحْسِنُ كذا: إذا عَلِمَهُ.

قرأ نافعٌ وأهل الكوفة: {خَلَقَهُ} بفتح اللام على الفعل، وهو صفة للنكرة التي هي {شَيْءٍ}، وهو الاختيار، وقرأ الآخرون بسكون اللام (٣).

قال الأخفش (٤): هذا على البدل، مجازه: الذي أَحْسَنَ خَلْقَ كُلِّ شَيْءٍ،


(١) قرأ: {الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} بالخفض: أبو زيد النحويُّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٨، البحر المحيط ٧/ ١٩٤.
(٢) ينظر قوله في زاد المسير ٦/ ٣٣٤، وقال أبو هلال العسكري: "الفرق بين قولنا: يُحْسِنُ وبين قولنا: يَعْلَمُ، أن قولنا: فلانٌ يُحْسِنُ كذا بمعنى: يَعْلَمُهُ مجازًا، وأصله فيما يأتِي الفعلَ الحسنَ، ألا ترى أنه لا يجيء له مصدر إذا كان بمعنى العلم البتةَ؟ فقولنا: فلان يُحْسِنُ الكتابةَ معناه: أنه يأتِي بها حسنة من غير توقف واحتباس، ثم كَثُرَ ذلك حتى صار كأنه العلم وليس به". الفروق اللغوية ص ٧٥.
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب: {خَلَقَهُ} بسكون اللام، ينظر: السبعة ص ٥١٦، حجة القراءات ص ٥٦٧، ٥٦٨، القرطبي ١٤/ ٩٠، النشر ٢/ ٣٤٧، الإتحاف ٢/ ٣٦٦.
(٤) ينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ٣٢٧، وهو بغير عزو في معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٠٤، إعراب القرآن ٣/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>