للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَارْجِعُوا} يريد: إلَى المدينة، {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ} فِي الرجوع إلى منازلهم في المدينة، وهم بنو حارثة وبنو سلمة، {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} خاليةٌ ضائعةٌ، وليست بِحَرِيزةٍ (١)، وهي مما يَلِي العَدُوَّ، ونخشى عليها السُّرّاقَ، ولا نأمن على أهلينا.

وقرأ ابن عباسٍ وأبو رجاء العطاردي: "عَوِرةٌ" (٢) بكسر الواو، يعني قصيرة الجُدْرانِ، فيها خِلَلٌ وفُرْجةٌ، تقول العرب: دار فلان عَوِرةٌ: إذا لَمْ تكن حصينةً، قال الزَّجّاج (٣): يقال: عَوِرَ المَكانُ يَعْوَرُ عَوَرًا وعَوْرةً، فهو عَوِرٌ، وبيوتٌ عَوِرةٌ وعَوْرةٌ. وهي مصدر، قال الشاعر:

١٣٠ - مَتَى تَلْقَهُمْ لا تَلْقَ في البَيْتِ مُعْوِرًا... وَلا الضَّيْفَ مَفْجُوعًا ولا الجارَ مُرْملا (٤)

ثم كَذَّبَهُم اللَّهُ، وأعْلَمَ أنّ قَصْدَهم الهَرَبُ والفِرارُ، فقال تعالى: {وَمَا


(١) أي: ليست حصينةً. اللسان: حرز.
(٢) وبها قرأ أيضًا ابنُ يَعْمُرَ وإسماعيلُ بنُ سليمان عن ابن كثير بخلاف عنه، وأبو حيوة وابنُ أبِي عبلة وابنُ مِقْسَيم وعكرمةُ ومجاهدٌ وقتادةُ والحسنُ وعبدُ السلام بنُ شداد عن أبيه، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٩، المحتسب ٢/ ١٧٦، تفسير القرطبي ١٤/ ١٤٨، البحر المحيط ٧/ ٢١٢، الإتحاف ٢/ ٣٧٢.
(٣) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢١٩، ٢٢٠.
(٤) البيت من الطويل، للنابغة الذبيانِيِّ، ورواية ديوانه:
. . . . . . . . . . للبيت عورة... ولا الضيف ممنوعًا ولا الجار ضائعا
اللغة: رجل مُعْوِرٌ: قبيح السريرة، والإعوار: الرِّيبةُ. مفجوعًا: متوجّعًا مُتَضَوِّرًا. المُزْمِلُ: المحتاج والذي نفد زاده.
التخريج: ديوانه ص ١٦٤، سيرة ابن هشام ٢/ ٣٦٧، الكشف والبيان ٨/ ١٩، عين المعانِي ورقة ١٠٣/ أ، تفسير القرطبي ١٤/ ١٤٨، البحر المحيط ٧/ ٢١٢، الدر المصون ٥/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>