للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} يعني: يُجْعَلْ عذابُ جُرْمِها فِي الآخرة كعذاب جُرْمَيْنِ، كما زِيدَ فِي ثوابها ضِعْفٌ في قوله تعالى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ}، وإنما ضُوعِفَ عذابهن على إتيان الفاحشة؛ لأنهن يشاهدن من التَّنْزِيلِ ما يَزْجُرُ ويردع عن مواقعة الذنوب ما لا يُشاهِدُ غَيْرُهُنَّ، فإذا لَمْ يمتنعن عن ذلك استحققن تضعيف العذاب؛ لكمالهن وفضلهن على نساء العالمين.

قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} يعني: ومَن تُطعِ اللَّه ورسوله فيما يأمرها به منكنَّ، قرأه العامة بالياء، وَرُوِيَ عن ابن عامرٍ ويعقوب أنهما قرآ: "تَقْنُتْ" بالتاء (١)، قال الفراء (٢): وإنما قال: "يَقْنُتْ" لأن "مَنْ" أداةٌ تقوم مقام الاسم، يُعَبَّرُ به عن الواحد والاثنين والجميع والمؤنث والمذكر، قال اللَّه تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} (٣)، وقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (٤)، وقال الفرزدق في الاثنين:

١٣٣ - تَعالَ فَإنْ عاهَدْتَنِي لا تَخُونُنِي... نَكُنْ مِثْلَ -مَنْ يا ذِئْبُ- يَصْطَحِبانِ (٥)


(١) ورواها أبو حاتم عن أبِي جعفر وشيبةَ ونافعٍ، وبها قرأ أيضًا الجحدريُّ وَرَوْحٌ وزيدُ بنُ عَلِيٍّ وعمرُو بنُ فائد الأسواريُّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٠، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٩٨، تفسير القرطبي ١٤/ ١٧٦، البحر المحيط ٧/ ٢٢١.
(٢) معانِي القرآن ٢/ ١١٠، ١١١ وهو معنى كلامه.
(٣) يونس ٤٣.
(٤) يونس ٤٢.
(٥) البيت من الطويل، للفرزدق يصف ذئبًا، ورواية ديوانه: "تَعَشَّ فَإنْ واثَقْتَنِي".
التخريج: ديوانه ٢/ ٣٢٩، الكتاب ٢/ ٤١٦، مجاز القرآن ٢/ ٤١، معانِي القرآن للأخفش ص ٣٦، المقتضب ٢/ ٢٩٤، ٣/ ٢٥٣، معانِي القرآن وإعرابه ١/ ١٤٦، شرح أبيات سيبويه ٢/ ٨٤، المحتسب ١/ ٢١٩، الخصائص ٢/ ٤٢٢، الصاحبي ص ٢٧٤، الحلل ص ٤٠١، شرح الجمل لطاهر بن أحمد ١/ ٣٨، ٢/ ١٠، تفسير القرطبي ١/ ٤٣٥، =

<<  <  ج: ص:  >  >>