للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهنَّ لا يُذْكَرْنَ بِخَيْرٍ كما يُذْكَرُ الرجالُ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (١).

و {الْمُسْلِمِينَ} اسم {إِنَّ}، وخبرها في قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً} أي: لذنوبهم {وَأَجْرًا عَظِيمًا (٣٥)} وهو الجنة.

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} يعني: حُكْمًا {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} جَمَعَ الكناية؛ لأن المراد بقوله: {لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} كُلُّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ فِي الدنيا، و {الْخِيَرَةُ}: الاختيار، أعْلَمَ اللَّهُ تعالى أنه لا اختيار على ما قضاه اللَّه ورسوله.

قرأ أهل الكوفة وأيوب: "أنْ يَكُونَ" بالياء، واختاره أبو عبيد، قال (٢): للحائل بين التأنيث والفعل. وكذلك رَوَى هشامٌ عن أهل الشام، وقرأ الباقون بالتاء (٣)، وقرأ العامة: "الخيرة" بكسر الخاء وفتح إلياء، وقرأ ابنُ السَّمَيْفَعِ بسكون الياء (٤)، وهما لغتان (٥).

نزلت هذه الآية في عبدِ اللَّه بن جحشٍ وأختِهِ زَيْنَبَ، وكانا ابْنَيْ عَمّةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخطب النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زينبَ لزيد بن حارثة مولاه، وهي تَظُنُّ أنه يَخْطِبُها لنفسه،


(١) قاله مقاتل، ينظر: أسباب النزول ص ٢٤٠، وقد روى الإمام أحمد مثلَهُ بسنده عن أم سلمة في المسند ٦/ ٣٠١، ٣٠٥، والنسائي في السنن الكبرى ٦/ ٤٣١ كتاب التفسير/ سورة الأحزاب، وينظر: عين المعانِي ورقة ١٠٣/ ب.
(٢) ينظر قول أبِي عبيد واختياره في إعراب القرآن ٣/ ٣١٦، الكشف والبيان ٨/ ٤٧، تفسير القرطبي ١٤/ ١٨٧.
(٣) ينظر: السبعة ص ٥٢٢، القرطبي ١٤/ ١٨٧، البحر ٧/ ٢٢٥، الإتحاف ٢/ ٣٧٦.
(٤) وهي أيضًا قراءة عيسى بن سليمان، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٠، القرطبي ١٤/ ٨٧.
(٥) ينظر ما سبق في الآية ٦٨ من سورة القصص: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} ١/ ٥٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>