للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما علمتْ أنه يَخْطِبُها لِزَيْدٍ كَرِهَتْ ذلك، وكذلك أخوها، فلما نزلت هذه الآية رَضِيا وسَلَّما لأمرِ اللَّه وقضائِهِ، فَزَوَّجَها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من زيد بن حارثة (١).

قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا}؛ أي: حاجةً من نِكاحها {زَوَّجْنَاكَهَا}، ومعنى قضاء الوَطَرِ في اللغة: بلوغ منتهى ما في النفس من الشيء، تقول: قضى وَطَرًا منها: إذا بلغ ما أراد من حاجته فيها، ومنه قول عمر ابن أبِي ربيعة:

١٣٦ - أيُّها الرّائِحُ المُجِدُّ ابْتِكارا... قَدْ قَضَى مِنْ تِهامةَ الأوْطارا (٢)

أي: قد فَرَغَ من أعمال الحج، وبلغ ما أراد منه، ثم صار عبارة الطلاق (٣)، فلما تزوجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوْلَمَ عليها بخُبْزٍ ولَحْمٍ، وكانت زينبُ تَفْخَرُ على نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتقول: أنا أكْرَمُكُنَّ وَلِيًّا، وأكْرَمُكُن سَفِيرًا، زَوَّجَكُنَّ أقاربُكُنَّ، وزَوَّجَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ من السماء، وكان السفيرُ جبريلَ عليه السّلام (٤).


(١) رواه البيهقي بسنده عن زينب بنت جحش في السنن الكبرى ٧/ ١٣٦ - ١٣٧ كتاب النكاح: باب "لا يُرَدُّ نكاحُ غير الكفء إذا رضيت به الزوجة"، ورواه الطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٢٤/ ٣٩، ٤٠، ٤٥، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ٤٦.
(٢) البيت من الخفيف لعُمَرَ بن أبِي ربيعة، يُشَبِّبُ بأم محمد بنت مروان بن الحكم حين حَجَّتْ، ويُرْوَى:
أيُّها الرّاكِبُ المُجِدُّ. . . .
التخريج: ديوانه ص ١٦٤، الأغاني ١/ ٦٩، ٢/ ١٣٠، ٨/ ٥٥، الجليس الصالح الكافي ٢/ ٢٩٥.
(٣) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٤٧٣، وينظر: زاد المسير ٦/ ٣٩٠.
(٤) رواه البخاري بسنده عن السيدة عائشة في صحيحه ٨/ ١٧٦ كتاب التوحيد: باب "وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الماءِ"، ورواه النسائي في سننه ٦/ ٨٠ كتاب النكاح: باب في النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>