للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ}؛ أي: إثْمٍ {فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}؛ أي: فيما أحَلَّ اللَّهُ له من النساء أن يَنْكِحَ منهن، {سُنَّةَ اللَّهِ}؛ أي: شريعة اللَّه وهدايته {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} وأصْلُ السُّنّةِ: الطريقةُ التي تستوي وتنقاد، ويقال: سنّة اللَّه فيمن كان قبلكم من الأنبياء، مثل داود وسليمان -عليهما السلام-، كان لسليمان سبعمائة امرأةٍ مَهْرِيّةٍ وثلاثمائة سُرِّيّةٍ، وكان لداود مائة امرأةٍ (١).

وفي وجه انتصاب قوله: {سُنَّةَ اللَّهِ} من الإعراب أربعة أوجهٍ، قيل (٢): لعدم الخافض، يعني: كسنّة اللَّه، وقيل (٣): على الإغراء؛ أي: اتبعوا سنة اللَّه، وقيل (٤): على المصدر، وأراد: سَنَّ سُنّةَ اللَّه، وقيل (٥): فَعَلَ سُنّةَ اللَّه في الأنبياء الماضين، أي: لا يؤاخذهم اللَّه بما أحَلَّ لهم، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨) أي: قضاءً مقضيًّا.

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ} يعني الأنبياء والرسل، ومحل {الَّذِينَ} خفض على نعت {الَّذِينَ خَلَوْا}، وقال أبو إسحاق (٦): يجوز أن يكون في موضع نصبٍ على المدح.


(١) رواه القاضي عياض عن ابن عباس في الشفا ١/ ٩١، وينظر: الكشاف ٣/ ٢٦٤، زاد المسير ٢/ ١١١، البداية والنهاية ٢/ ١٩، والمرأة المَهْرِيّةُ والمَهِيرةُ: الحُرّةُ، والسُّرَّيّةُ: الجارية المُتَّخَذةُ للمِلْكِ والجِماعِ، والجمع السَّرارِي. اللسان: مهر، سرر.
(٢) ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان ٨/ ٤٩، وينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٣٣٦.
(٣) قاله ابن عطية في المحرر الوجيز ٤/ ٣٨٨، وينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٣٣٦، البحر المحيط ٧/ ٢٢٨، الدر المصون ٥/ ٤١٨.
(٤) قاله أكثر العلماء، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ١٣٨، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٣٠، إعراب القرآن ٣/ ٣١٦.
(٥) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٨/ ٤٩، وينظر: البحر المحيط ٧/ ٢٢٧، الدر المصون ٥/ ٤١٨.
(٦) قال الزجاج: "ويجوز أن يكون رفعًا على المدح على: هم الذين يبلغون رسالات اللَّه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>