للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ} يريد: عن نفاقهم، شرط {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يعني الفجور، وهم الزُّناة، {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} وهم قوم كانوا يرفعون الأخبار بما يَكْرَهُ المؤمنون، ويقولون: قد أتاكم العدو، {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} جواب الشرط، وقيل (١): نصب اللام على جواب القسم المحذوف، تقديره: واللَّهِ لنغْرِيَنَّكَ بهم؛ أي: لَنُسَلِّطَنَّكَ عليهم، والمعنى: لَنَأْمُرَنَّكَ بقتالهم حتى تقتلهم وتُخْلِيَ عنهم المدينةَ، وهو قوله: {ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا}؛ أي: لا يساكنونك فِي المدينة {إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) أي: إلا يَسِيرًا حتى يهلكوا.

وقوله: {مَلْعُونِينَ} يعني: المنافقين أي: مطرودين مُبْعَدِينَ عن الرحمة، وهو منصوبٌ على الحال (٢)، وقيل (٣): على الذم، وقوله: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا} يعني: وُجِدُوا وأُدْركُو {أُخِذُوا}؛ أي: أُسِرُوا، والأخِيذُ: الأسِيرُ {وَقُتِّلُوا} للتكثير {تَقْتِيلًا (٦١)} مصدر؛ أي: خذوهم واقتلوهم قتلًا؛ أي: الحُكْمُ فيهم هذا على جهة الأمر به {سُنَّةَ اللَّهِ} نصب على المصدر؛ أي: سَنَّ اللَّهُ ذلك سُنّةً فيمن أرْجَفَ بالأنبياء ونافق.


(١) هذا هو الأكثر، وهو ما عليه جمهور النحاة، وهو أن القَسَمَ والشَّرْطَ إذا اجتمعا فالجواب للمتقدم منهما، وقد تقدم القسم المضمر هنا، واللّامُ مُوَطِّئةٌ له، وعليه فالجواب له، وأما جواب الشرط فمحذوف استغناءً عنه بجواب القسم، وأجاز الفراء كون الجواب للشرط وإن تقدم القسم عليه، ينظر: كتاب سيبويه ٣/ ٨٤، معاني القرآن للفراء ١/ ٦٥، ٦٨، ٢٢٥، ٢/ ١٣٠، ١٣١، الإغفال للفارسي ١/ ٣٩٢ وما بعدها، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٢١٥ - ٢١٨، شرح الكافية للرضي ٤/ ٤٩٢، ٤٩٤، ارتشاف الضرب ص ١٧٨٣.
(٢) هذا قول الفراء والمبرد والزجاج والنحاس، ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٣٥٩، ٢/ ٢٦٥، معانِي القرآن وإعرابه للزجاج ٤/ ٢٣٦، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٢٧، وينظر أيضًا: المسائل المشكلة ص ٤٢١، ٤٢٢، وصاحب الحال هو واو الجماعة في {يُجَاوِرُونَكَ}.
(٣) هذا قولٌ آخَرُ للفراء، قاله في معاني القرآن ٢/ ٣٤٩، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٠٢، البيان للأنباري ٢/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>