للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}؛ أي: مَضَوْا، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢) أي: لا يُبَدِّلُ اللَّهُ سُنَّتَهُ فيهم إذا أظهروا النفاق، بل يُقْتَلُونَ حيثما ثُقِفُوا.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} قال مقاتلٌ: وعظ اللَّه المؤمنين ألا يؤذوا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- كما آذَوْا بنو إسرائيل موسى عليه السّلام، وهو ما رُوِيَ عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كانت بنو إسرائيل يَغْتَسِلُونَ عُراةً، يَنْظُرُ بعضُهم إلى سَوْءةِ بعضِ، وكان موسى يغتسل وَحْدَهُ، فقالوا: واللَّهِ ما يَمْنَعُ موسى أن يغتسل معنا إلا أَنه آدَرُ (١)، قال: فذهب مَرّةً يغتسل، فوضع ثَوْبَهُ على حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بثوبه، فجَمَحَ موسى في إثْرِهِ، يقول: ثَوْبِي حَجَرُ! ثَوْبِي حَجَرُ! حتى نظرتْ بنو إسرائيل إلى سَوْءةِ موسى عليه السّلام، فقالوا: واللَّهِ ما بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، قال: فقام [إلى] الحجر بعدما نَظَرَ إليه بنو إسرائيل، وأخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بالحَجَرِ ضَرْبًا"، قال أبو هريرة: واللَّهِ إنّهُ نُدِبَ بالحَجَرِ (٢) سِتّة أو سَبْعةٌ، ضَرْبَ موسى بالحجر" (٣). رواه مسلمٌ عن مُحَمَّدٍ عن رافعٍ (٤) عن عبد الرزاق (٥)، وهذا قول جميع المفسرين.


(١) الآدَرُ: هو الذي يصيبه فَتْقٌ أو انتفاخِ في إحدى الخُصْيَتَيْنِ. اللسان: أدر.
(٢) النُّدَبةُ: أثَرُ الجُرْحِ في الجِلْدِ، يقال: ندِبَ جُزحُهُ نَدَبًا وأنْدَبَ، وفي الحديث شُبِّهَ أثَرُ الضرب في الحجر بأثر الجرح. اللسان: ندب.
(٣) صحيح البخاري ٤/ ١٢٩، ١٣٠ كتاب أحاديث الأنبياء: باب حديث موسى مع الخضر، صحيح مسلم ١/ ١٨٣، ١٨٤ كتاب الحيض: باب تَسَتُّرِ المغتسل بثوب ونحوه، ٧/ ٩٩ كتاب الفضائل: باب من فضائل موسى عليه السلام.
(٤) محمد بن رافع بن أبِي زيد القشيري بالولاء، أبو عبد اللَّه النيسابوري، زاهد من ثقات المحدثين، كان شيخ خراسان مهيبًا كبير القدر، توفِّي سنة (٢٤٥ هـ). [سير أعلام النبلاء ١٢/ ٢١٤: ٢١٨، الأعلام ٦/ ١٢٤].
(٥) عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري بالولاء، أبو بكر الصنعانِيُّ، رَويَ عن الثوري ومالك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>