للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع خلقه، فهو وَليُّ الحمد ومنتهى الحمد ووَلِيُّ النعم، والحمد هو الوصف بالجميل على وجه التعظيم، {الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} مِن خَلْقٍ، {وَمَا فِي الْأَرْضِ} مِن خَلْقٍ، فهو المَلِكُ والمالك، لا شريك له في ذلك، و {الَّذِي} في موضع خفضٍ على النعت أو البدل، ويجوز أن يكون في موضع رفعٍ على إضمار مبتدأٍ، وأن يكون في موضع نصبٍ بمعنى: أعْنِي (١)، وحكى سيبويه (٢): الحمدُ للَّهِ أهلِ الحمد بالنصب والرفع والخفض.

قوله: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ} كما هو له فِي الدنيا؛ لأن النِّعَمَ فِي الدّارينِ كُلَّها منه، فيَحْمَدُهُ أولياؤُهُ إذا دخلوا الجنة، فيقولَون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} (٣)، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} (٤)، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} (٥)، {وَهُوَ الْحَكِيمُ} في أمره {الْخَبِيرُ (١)} بِخَلْقِهِ؛ لعلمه بجميع الأشياء، ما كان منها وما لَمْ يكن، وهو مبتدأٌ وخبرٌ.

قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} يعني: ما يدخل فِي الأرض من مطرٍ أو حَبٍّ أو نَوًى أو كَنْزٍ أو مَيْتٍ وما أشبه ذلك، {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من النبات والكنوز وسائر المعادن من الذهب والفضّة والصُّفْرِ (٦) والنحاس والحديد والرصاص، {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} من ماءٍ أو مصيبةٍ أو رزقٍ وغير ذلك،


(١) هذه الأوجه قالها النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٣٣١، وينظر: الدر المصون ٥/ ٤٢٨.
(٢) الكتاب ٢/ ٦٢ - ٦٣، فالنصب على المدح، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والخفض على أنه نعتٌ لِلَفْظِ الجلالةِ.
(٣) الزمر ٧٤.
(٤) الأعراف ٤٣.
(٥) فاطر ٣٤.
(٦) الصُّفْرُ: النُّحاسُ الجَيِّدُ، وَقِيلَ: هُوَ ما صَفُرَ مِنْهُ، واحِدَتُهُ صُفْرةٌ. اللسان: صفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>