للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}؛ أي: يصعد فيها من الملائكة وأعمال العباد، {وَهُوَ الرَّحِيمُ} بخَلْقِه، فلا أرْحَمَ منه، كَلَّفَهُم اليسيرَ، ورَفَعَ عنهم العَسِيرَ، وصَرَفَ عنهم الوَبِيلَ، وشَكَرَ لهم القليلَ {الْغَفُورُ (٢)} لِمَنْ تاب إليه، غفر لهم الذنوب العظامَ، وسَتَرَ عليهم قبائح الآثام.

قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني منكري البعث من أهل مكة {لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ} يا محمدُ {بَلَى وَرَبِّي} قَسَمٌ {لَتَأْتِيَنَّكُمْ} جواب القسم، ثم عاد -جل جلاله- بتمجيدِه وتحميدِه والثناء على نفسه، فقال: {عَالِمِ الْغَيْبِ}.

واختلف القُرّاءُ فيه، فقرأ يَحْيَى والأعمشُ وحَمْزةُ والكسائيُّ: "عَلَّامِ الغَيْبِ" بِخَفْضِ الميمِ على وزن "فَعّال"، وهي قراءة عبد اللَّه وأصحابهِ، وقرأ أهلُ الْمَدِينةِ وابنُ عامرٍ ورويسٌ: "عالِمُ" برفع الميم على الاستئناف (١)، وقيل (٢): على خبر ابتداءٍ مَحْذُوفٍ، تقديره: هو عالِمُ الغيب.

وقرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرٍو وعاصمٌ ورَوْحٌ (٣): "عالِمِ" بجر الميم (٤) رَدًّا


(١) ويكون "عالِمُ الْغَيْبِ" مبتدأ، وخبره "لا يَعْزُبُ عَنْهُ"، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٥١، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٤٠، إعراب القرآن ٣/ ٣٣١، الحجة للفارسي ٣/ ٢٨٨
(٢) قاله الزجاج وغيره، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٤٠، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٣١، الحجة للفارسي ٣/ ٢٨٨.
(٣) هو رَوْحُ بن عبد المؤمن الهُذَلِيُّ بالولاء، أبو الحسن البصري، مقرئ جليل ثقة ضابط صدوق، قرأ على يعقوب الحضرمي، توفي سنة (٢٣٣ هـ)، وقيل: (٢٣٥ هـ). [تهذيب الكمال ٩/ ٢٤٦ - ٢٤٧، غاية النهاية ١/ ٢٨٥].
(٤) ينظر في هذه القراءات: السبعة ص ٥٢٦، إعراب القراءت السبع ٢/ ٢٠٨، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢٠١، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٠، البحر المحيط ٧/ ٢٤٨، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٣٨٠ - ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>