للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قوله: {وَرَبِّي}، وهو خفضٌ بواو القسم، وهو اختيار أبي عبيدٍ فيه وفي أمثاله، يُؤْثِرُ النعوتَ على الابتداء.

ويجوز النصب بمعنى: أعني (١)، وقيل: بِنَزْعِ الواو من "عالِمِ"، قاله الخليل (٢)، وهو خفض بواو القسم، فـ "عالِمٌ" يكون للقليل والكثير، وَ"عَلَّامٌ" للتكثير (٣).

قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} المعنى: لَتَأْتِيَنَّكُم الساعةُ؛ لِيَجْزِيَ الذين آمنوا، ثم بينَ جزاءَ الفريقين فقال تعالى: {أُولَئِكَ} يعني: الذين آمنوا {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)} حسَنٌ، يعني: فِي الجنة.

قوله: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا}؛ أي: عملوا فِي إبطال أدِلَّتِنا والتكذيب بكتابنا {مُعَاجِزِينَ} يعني: مُشاقِّينَ مُغالِبينَ يحسبون أنهم يفوتوننا، وقرأ مَكِّيٌّ وأبو عمرٍو: "مُعَجِّزِينَ" (٤)، أي: مُثَبِّطِيَنَ الناسَ عن اتباع الرسول والإيمان بالقرآن، نظيرها فِي سورة الحج (٥)، وهو نصبٌ على الحال.

وأصل العجز الضعف، يقال: عَجَزَ عن الأمر يَعْجِزُ عَجْزًا، فهو عاجزٌ،


(١) أو بمعنى: اذْكُرْ عالِمَ الغيب، وهذا في غير القرآن، وأما في القرآن فلا يجوز؛ لأنه لَمْ يُقْرَأْ به، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٤٠، إعراب القرآن ٣/ ٣٣١.
(٢) الجمل المنسوب للخليل ص ١٠٩ - ١١٠، ومعني هذا الكلام أن الأصل فيه "وَعالِمِ الْغَيْبِ" بواو القسم، فلما حذفت واو القسم نصب.
(٣) قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٣٣٢.
(٤) وبها قرأ أيضًا ابنُ كثير والجحدريُّ وأبو السمال واليزيديُّ وحُمَيْدُ بنُ قيس ومجاهدٌ، ورُوِيتْ عن ابن محيصن، ينظر: السبعة ص ٤٣٩، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦١، الإتحاف ٢/ ٢٧٨، ٣٨١.
(٥) الحج ٥١، وانظر ما سبق ١/ ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>