للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبِي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا قَضَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الأمرَ فِي السماء ضَرَبَت الملائكةُ بأجنحتها خُضُعًا لقوله، كأنه سِلْسِلةٌ على صَفْوانٍ، فإذا فُرع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قال: الذي قال الحق، وهو العلي الكبير" (١).

وقال المفسرون (٢): لَمّا كانت الفترة التي بين عيسى ومحمَّدٍ -عليهما السلام-، وبعث اللَّهُ محمدًا، أنزل اللَّهُ جبريلَ عليه السّلام بالوحي، فلما نزل ظَنَّت الملائكة أنه نزل بشيءٍ من أمر الساعة، فصعقوا لذلك، فجعل جبريل يَمُرُّ بكل سماءٍ، ويكشف عنهم الفزع، فرفعوا رؤوسهم، وقال بعضهم لبعضٍ: ماذا قال ربكم؟ قالوا: قال الحق، يعني الوحي، وهو العلي الكبير.

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ} يعني المطر، {وَالْأَرْضِ} يعني النبات والثمر، {قُلِ اللَّهُ} تَمَّ الكلامُ، ثم قال: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ} يعني كفار مكة {لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤)} والألِف فِي {أَوْ} صلةٌ، ومعناه واو العطف، كأنه قال: وإنّا وإيّاكم، كقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} (٣) الألِف هاهنا صلةٌ، قال أبو عبيدة (٤): معناه: إنّا لَعَلَى هُدًى، وإنّكم إيّاكُم لفي ضلالٍ مُبينٍ.


(١) رواه البخاري في صحيحه ٥/ ٢٢١، ٦/ ٢٨ كتاب التفسير: سورة الحِجْرِ، وسورة سبأ، ٨/ ١٩٤ كتاب التوحيد: باب قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٣]، ورواه الترمذي في سننه ٥/ ٤٠ أبواب تفسير القرآن: سورة سبأ.
(٢) قاله قتادة ومقاتل والكلبي، ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٨٧ - ٨٨، الوسيط ٣/ ٤٩٤، زاد المسير ٦/ ٤٥٣، مجمع البيان ٨/ ٢١٥، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٩٧.
(٣) الإنسان ٢٤.
(٤) مجاز القرآن ٢/ ١٤٨، وقد رَدَّ الفراء وغيره من العلماء قولَ مَنْ قال: إنها بمعنى الواو، قال الفراء: "قال المفسرون: معناه: وإنا لَعَلَى هُدًى، وأنتم في ضلال مبين، معنى "أو" معنى الواو عندهم، وكذلك هو في المعنى، غير أن العربية على غير ذلك، لا تكون "أو" بمنزلة =

<<  <  ج: ص:  >  >>