للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسم {كَانَ}، وخبرُه في قوله: {فَكَيْفَ}، والنَّكِيرُ: اسمٌ بمعنى الإنكار.

قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}؛ أي: آمُرُكُمْ، فَأُوصِيكُمْ بِخَصْلةٍ واحدةٍ، وهي كلمة الإخلاص: لا إله إلا اللَّه {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ}؛ أي: لأجْلِ اللَّهِ، و {أَنْ} في موضع الخفض على البيان من "واحِدةٍ" والترجمةِ عليها (١).

وقوله: {مَثْنَى وَفُرَادَى} بمعنى: اثنين مُتَناظِرَيْنِ، وواحدًا واحدًا متفكِّرين، والواو بمعنى "أوْ" للتخيير (٢)، وهما في موضع نصبٍ على الحال، وليس معنى القيام هاهنا قيامًا على الرِّجْلَيْنِ، بل هو قيامٌ بالأمر الذي هو طَلَبُ الحَقِّ، وتَمَّ الكلامُ عند قوله: {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}، وهو مختصرٌ معناه: ثم تتفكروا جميعًا؛ لتعلموا صحة ما أمرتكم به (٣)، والفِكْرُ: طلب المعنى، ثم ابتدأ فقال: {مَا بِصَاحِبِكُمْ} محمدٍ {مِنْ جِنَّةٍ}؛ أي: جُنُونٍ كما تقولون، و"ما" هاهنا نَفْيٌ وجَحْدٌ، {إِنْ هُوَ} ما هو {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)} يعنِي: فِي الآخرة.


(١) يعني أن "أنْ" بدل من "واحِدةٍ". ويجوز أن تكون "أنْ" في موضع رفع خبرًا لمبتدأ محذوف والتقدير: هي أن تقوموا، ويرى الزجاج أنه في موضع نصب على نزع الخافض؛ أي: لأن تقوموا، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٥٧، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٥٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢١٢، وذكر العكبري أنه يجوز أن يكون في موضع نصب على المفعول لفعل محذوف أي: أعني قيامكم للَّهِ، ينظر: التبيان ص ١٠٧٠، وينظر أيضًا: البحر المحيط ٧/ ٢٧٦، الدر المصون ٥/ ٤٥٢.
(٢) هذا هو المفهوم من كلام الفراء، فقد قال: "وقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} [سبأ: ٤٦]، أي: يكفيني منكم أن يقوم الرجل منكم وحده أو هو وغيرُهُ ثم تتفكروا". معانِي القرآن ٢/ ٣٦٤، وينظر في مجيئها بمعنى "أوْ": الجنى الدانِي ص ١٦٦.
(٣) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٤٩٨، وينظر: زاد المسير ٦/ ٤٦٥، تفسير القرطبي ١٤/ ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>