للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في العربية: الوعظ والتخويف مما عَلِمَ اللَّهُ تعالى، ولَمْ يَعْلَمُوهُ.

قوله: {أَلَمْ يَرَوْا} يعني أهل مكة، أي: ألَمْ يُخْبَرُوا {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} نصب بـ {أَهْلَكْنَا}، والقَرْنُ: أهل كل عصرٍ، سُمُّوا بذلك لاقترانهم فِي الوجود {أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١)} لا يعودون إلى الدنيا، أفلا يعتبرون بهم.

قوله: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ} هذه "إن" الثقيلة فِي الأصل، خُفِّفَتْ فزال عملها في أكثر اللغات، ولزمتْها اللامُ فرقًا بينها وبين التي بمعنى "ما" (١).

وقوله: {لَمَّا جَمِيعٌ} قرأ ابن عامرٍ وعاصمٌ وحمزة والأعمش: "لَمّا" بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف (٢)، فمن شَدَّدَ جعل "إنْ" بمعنى الجحد على [أن "لَمّا"] (٣) بمعنى "إلَّا"، تقديره: وما كُلٌّ إلَّا جَمِيعٌ، كقولهم: سألتُكَ لَمّا فعلتَ، أي: إلَّا فعلتَ (٤)، ومَنْ خَفَّفَ جعل "إنْ" للتحقيق مخففة، و"ما" صلةً، مجازه: وإنْ كُلّ لَجَمِيعٌ (٥) {لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٣٢)} يعني: يوم القيامة، فيقفون


(١) هذا على قراءة "لَما" بالتخفيف، ينظر: إعراب القرآن ٣/ ٣٩٣، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٥.
(٢) وقرأ بالتشديدْ أيضًا: الحَسَنُ وابنُ جَمّازٍ وابنُ ذَكْوانَ، وقرأ بالتخفيف نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر والكسائي وابن وردان ويعقوب وخلف وهشام، ينظر: حجة القراءات ص ٥٩٧، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢١٥، التيسير ص ١٢٦، النشر ٢/ ٢٩١، الإتحاف ٢/ ٤٠٠.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) وهذه لغة هذيل، يجعلون "لَمّا" بمعنى "إلَّا"، وحكى سيبويه: "أقسمتُ عليك إلَّا فَعَلْتَ ولَمّا فَعَلْتَ"، ينظر: الكتاب ٣/ ١٠٥، وينظر أيضًا: معاني القراءات للأزهري ٢/ ٣٠٥.
(٥) قال سيبويه: "واعلم أنهم يقولون: إنْ زَيْدٌ لَذاهِبٌ، وإنْ عَمْرٌو لَخَيْرٌ منك، لَمّا خَفَّفَها جَعَلَها بمنزلة "لَكِنْ" حين خَفَّفَها، وألزمها اللام لئلا تلتبس بـ "إنْ" التي هي بمنزلة "ما" التي تَنْفِي بها، ومثل ذلك: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: ٤]، إنما هي: لَعَلَيْها حافظ، وقال تعالى: =

<<  <  ج: ص:  >  >>