للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاء (١)، ومن قرأ بكسر الخاء حَرَّكَهُ بالكسر لالتقاء الساكنين، وعلى قراءة أهل المدينة جَمْعٌ بين ساكنين، قال الزجّاج (٢): وهو أشد الوجوه وأرْدَؤُها.

ومعنى الآية أن الكفار الذين تقوم عليهم الساعة تأخذهم الصيحة وهم يَخِصِّمُونَ، والقوم إذا كانوا على أمرٍ واحدٍ كان الخبر عن بعضهم كالخبر عن جميعهم (٣).

ثم أخبر أن الساعة إذا أخذتهم بغتةً لَمْ يقدروا على الإيصاء بشيءٍ، وذلك قوله: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً}؛ أي: فلا يقدرون على أن يُوَصِّيَ بعضُهم بعضًا، {وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠)} يعني: من الأسواق إلى منازلهم، وهذا إخبارٌ عمّا يَلْقَوْنَ فِي النفخة الأولى.

ثم أخبر عمّا يلقون في النفخة الثانية بعد الموت إذا بُعِثُوا، فقال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} وهو كهيئة القرن من الثور، ينفخ فيه إسرافيل عليه السّلام، وهي النفخة الأخيرة نفخة البعث، وبين النفخة الأولى والأخيرة أربعون سنةً، فإذا نفخ في الأولى مات فيها كل شيءٍ مما خلَقَ اللَّه تعالى، ويموت إبليس فيمن يموت، ثم تمطر السماء أربعين يومًا كَمَنِيِّ الرِّجالِ، فينبتون به فِي


(١) وهذه القراءة هي التي اختارها الزجاج، فقال: "والقراءة الجيدة "يَخَصِّمُونَ" بفتح الخاء، والأصل: يختصمون، فطرحت التاء على الخاء وأدغمت في الصاد". معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٩٠، أما الفراء فإنه يرى أن قراءة "يَخِصِّمُونَ" بكسر الخاء أجود وأكثر، قال النحاس رَدًّا عليه: "وكيف يكون أكثر؟ وبالفتح قراءة أهل مكة وأهل البصرة وأهل المدينة". إعراب القرآن ٣/ ٣٩٨، وينظر: الحجة للفارسي ٣/ ٣٠٨.
(٢) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٨٩.
(٣) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٥١٥ - ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>