للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى فيه: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ}. . . الآيات (١).

وقوله: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} يعني فُتاتًا رُفاتًا بالِيةً، يقال: رَمَّ العَظْمُ: إذا بَلِيَ، والرُّمّةُ: الحَبْلُ البالِي، والرَّمْرامُ: الحَصَى الصِّغارُ (٢)، وإنما لَمْ يقل: رَمِيمة لأنه معدولٌ عن فاعلةٍ، وكُلُّ ما كان معدولًا عن وَجْهِهِ وَوَزْنِهِ كان مصروفًا عن فاعِلةٍ إلى فَعِيلٍ، كقوله تعالى: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (٣) أسقط الهاء لأنها مصروفةٌ عن باغيةٍ (٤)، وقيل (٥): {رَمِيمٌ} بمعنى مرمومٍ، ككَفٍّ خَضِيبٍ؛ أي: مَخْضُوبٍ، ومحلُّ {مَنْ} رفعٌ بالابتداء.

قوله تعالى: {قُلْ} يا محمَّدُ {يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا} ابتدأها وخلقَها {أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ} من الابتداء والإعادة {عَلِيمٌ}، ونصب {أَوَّلَ مَرَّةٍ} لأنه اسمٌ أُقِيمَ مُقامَ المصدر.

ثم زاد في البيان، وأخبر عن عجيب صنعه، فقال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)} يعني: الذي جمع بين الشيء وضِدِّهِ قادِرٌ على البعث؛ لأنّ النار تأكل الحطب، وَلَمْ يقل: الخُضْرَ،


(١) ينظر: تفسير عبد الرزاق ٣/ ١٤٦، جامع البيان ٢٣/ ٣٨، الكشف والبيان ٨/ ١٣٧، أسباب النزول ص ٢٤٦، الدر المنثور ٥/ ٢٦٩.
(٢) ينظر: عين المعانِي ورقة ١١١/ أ.
(٣) مريم ٢٨.
(٤) يعني أنه "فَعِيل" بمعنى "فاعِلٍ"، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٨٦، الفريد للهمداني ٤/ ١٢١، الدر المصون ٥/ ٤٩٣.
(٥) يعني أنه "فَعِيلٌ" بمعنى "مفعول"، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٨٦، الدر المصون ٥/ ٤٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>