للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بـ {تُرِيدُونَ} (١)، وقيل: معناه: أتَأْفِكُونَ إفْكًا (٢)، وهو أسوأ الكذب، وتعبدون آلهةً سوى اللَّه؟ {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)} إذا لَقِيتُمُوهُ وقد عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ، وهو ابتداءٌ وخبرٌ، كأنه قال: ما ظَنُّكُمْ أنه يَصْنَعُ بكم؟ وهذه كلمة تَهَدُّد ووعيدٌ، وقوله: {مَاذَا تَعْبُدُونَ} إن جعلت "ما" و"ذا" شيئًا واحدًا فمحله نصبٌ بـ {تَعْبُدُونَ}، تقديره: أيَّ شَيْءٍ تعبدون؟ وإن جعلتهما اسمين فمحل "ما" رفع بالابتداء، و"ذا" خبره، تقديره: ما الذي تعبدون؟ (٣).

قوله: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨)} يعني إبراهيم عليه السّلام، وكان قومه يَتَعاطَوْنَ عِلْمَ النجوم، فعامَلَهُمْ من حيث كانوا يَتَعاطَوْنَهُ حتى لا ينكروا عليه، {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) أي: مريضٌ، والسُّقْمُ والسَّقَمُ: المَرَضُ، وهما لغتان مثل: حُزْنٍ وحَزَنٍ، وذلك أنهم كَلَّفُوهُ بالخروج معهم إلى عيدهم، فنظر إلى النجوم، يُرِيهِمْ أنه مُسْتَدِلٌّ بها على حاله، فلما نظر قال: إنِّي سقيمٌ، اعْتَلَّ بذلك ليتركوه، {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠)} يعني: ذاهبين منطلقين إلى عيدهم، وهو نصبٌ على الحال.

قوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ}؛ أي: مال إليها مَيْلةً فِي خُفْيةٍ سِرًّا، {فَقَالَ


(١) والمعنى: أتريدون إفْكًا عِبادةَ آلهةٍ، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مُقامه، وإنما قُدِّرَ مضافٌ لأن "إفْكًا" معنى، و"آلِهةً" عين، والبدل يجب أن يكون مثل المُبْدَلِ منه، ينظر: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ١٣٥، وذهب الزمخشري إلى أن "إفْكًا" مفعول له، و"آلِهةً" مفعول به لـ "تُرِيدُونَ"، قال الزمخشري: "أإفْكًا: مفعول له، تقديره: أتريدون آلهةً من دون اللَّه إفْكًا، وإنما قدم المفعول على الفعل للعناية، وقدم المفعول له على المفعول به لأنه كان الأهمُّ عنده أن يُكافِحَهُم بأنهم على إفك وباطل في شِرْكِهِمْ". الكشاف ٣/ ٣٤٤.
(٢) يعني أنه مفعول مطلق لفعل محذوف.
(٣) ينظر: إعراب القرآن ٣/ ٤٢٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>