للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥)} يعني: عِبادةَ أحْسَنِ الخالقينَ، فلا تعبدونه؟ {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦)} قرأ حمزة والكسائي وخلَفٌ ويعقوب والأعمش ويحيى بن وَثّابٍ والحسن والربيع بن خُثَيْمٍ (١) وابنُ أبِي إسحاق وأبو إسحاق بنصب الهاء والباءَيْنِ على البدل من "أحْسَنَ" أو على الصفة، وهو الاختيارُ، وروايةُ حفصٍ عن عاصمٍ، وقرأ الآخرون بالرفع (٢) على الاستئناف، لتمام الكلام الأول، على معنى: هو اللَّهُ رَبُّكُمْ ورَبُّ آبائكم الأولين، والعرب تقول: ضربتُ زيدًا أخاك، وضربت زيدًا أخوك، فينصبون الأخ على الترجمة (٣) عن زيدٍ، ويرفعونه بإضمار "هُوَ"، قال ابن الأنباري (٤): وهو من الوجهين جميعًا مُتَرْجِمٌ عن زيدٍ، وأنْشَدَ لِنُصَيْبٍ (٥):

١٧٨ - إنّ الَّذِي كانَ يَرْجُو أنْ يَتِمَّ لَهُ... حُسْنُ الصَّنِيعةِ فِي الدُّنْيا وَيَحْتَسِبُ

عَبْدَ العَزِيزِ أبا الأضْيافِ فارَقَكُمْ... فَهَلْ إلَيْهِ لِباغِي حاجةٍ سَبَبُ (٦)


(١) في الأصل: "خيثم"، وهو تصحيف، وهو الربيع بن خُثَيْمِ بنِ عائذ بن عبد اللَّه بن مَوْهَبةَ الثوريُّ، أبو يزيد الكوفيُّ، أحد الزُّهّاد الثمانية، تابعيٌّ رَوَى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، ورَوَى عن بعض الصحابة، وأخذ القراءة عن ابن مسعود، توفي سنة (٦٥ هـ)، وقيل غير ذلك. [تهذيب الكمال ٩/ ٧٠، ٧٦، غاية النهاية ١/ ٢٨٣].
(٢) قرأ بالرفع: أبو بكر عن عاصم، وابنُ كثير ونافعٌ وأبو عمرو وابن عامر وشيبة وأبو جعفر، ينظر: السبعة ص ٥٤٩، تفسير القرطبي ١٥/ ١١٧، النشر ٢/ ٣٦٥، الإتحاف ٢/ ٤١٥.
(٣) يعني على البدل، وهو من مصطلحات الكوفيين.
(٤) إيضاح الوقف والابتداء ص ١٣٢ - ١٣٣.
(٥) في الأصل: "وأنشد نصيب". وهو نُصَيْبُ بن رَباحٍ أبو مِحْجَنٍ مولى عبد العزيز بن مروان، شاعر فحل مقدم فِي النسيب والمدح، كان عبدا أسود فاشتراه عبد العزيز بن مروان وأعتقه، وتَنَسَّكَ في أواخر حياته، توفي سنة (١٠٨ هـ)، أو (١١١ هـ)، أو (١١٣ هـ). [الشعر والشعراء ص ٤١٧، ٤١٩، الأعلام ٨/ ٣١، ٣٢].
(٦) البيتان من البسيط لنُصَيْبٍ يمدح عبد العزيز بن مروان، لم أقف عليهما في ديوانه المجموع، =

<<  <  ج: ص:  >  >>