للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١)} يعني الأصنام أي: فإنكم وآلِهَتَكُم التي تعبدون من دون اللَّه {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}؛ أي: مع ذلك {بِفَاتِنِينَ (١٦٢) أي: بِمُضِلِّينَ، يقال: فَتَنْتُ الرَّجُلَ وأفْتَنْتُهُ: إذا أضْلَلْتَهُ (١)، ويقال: فَتَنْتُهُ على الشيء وبالشيء (٢)، كما يقال: أضَلَّهُ على الشيء، وأضله به، قال مقاتل: يقول: ما أنتم بمضلين أحدًا بآلهتكم إلا من قَدَّرَ اللَّهُ له أن يَصْلَى الجحيمَ، وهو قوله: {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)} يعني: أن قضاءه سَبَقَ فِي قومٍ بالشقاوة وأنهم يَصْلَوْنَ النارَ، فهم الذين يَضِلُّونَ في الدنيا، ويعبدون الأصنام.

وموضع "صالِي" رفعٌ على خبر الابتداء، والأصل في صالٍ: صالِيٌ، فاستثقلوا الضمة في الياء، فحذفوها، فبقيت الياء ساكنة، والتنوين ساكنٌ، فأسقطوا الياء لاجتماع الساكنين، وأبقوا الكسرة في اللام على أصلها، والعلة في هذا أنهم بنوا الخَطَّ على الوقف، فكان حمزة والكسائي يقفان على "صالِ" بغير ياءٍ اتِّباعًا للكِتابِ (٣).

قوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)} وهذا من قول جبريل عليه السّلام للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيه إضمارٌ، المعنى: وما منا معشرَ الملائكة مَلَكٌ إلا له


= أي: ولكن المخلصين ناجُونَ، والثانِي: أنه مستثنى من الضمير في قوله: "وَجَعَلُوا"، وتكون جملة "سُبْحانَ اللَّهِ" اعتراضًا بين المستثنى والمستثنى منه، والثالث: أنه مستثنى من الضمير في قوله: "تَصِفُونَ"، أي: يصفه هؤلاء بذلك، لكن المخلصين بَراءٌ من أن يَصِفُوهُ به. ينظر: الفريد ٤/ ١٤٤، الدر المصون ٥/ ٥١٥.
(١) قال الفراء: "وأهل نَجْدٍ يقولون: بِمُفْتِنِينَ. أهل الحجاز يقولون: فَتَنْتُ الرَّجُلَ، وأهل نجد يقولون: أفْتَنْتُهُ". معانِي القرآن ٢/ ٣٩٤، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٤٤٥.
(٢) يعني أن "عَلَى" بمعنى الباء، وهو قول الفراء، قاله في معانِي القرآن ٢/ ٣٩٤، وينظر: الوسيط ٣/ ٥٣٤.
(٣) من أول قوله: "والعلة في هذا" قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>