للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبّاسٍ (١): كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطربوا فِي الحرب، قال بعضهم لبعضٍ: مناصَ، أي: اهْرُبُوا وخُذُوا حِذْرَكُمْ، فلما نزل بهم العذاب يوم بدر قالوا: مَناصَ مَناصَ، فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}.

{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} يعني محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}، وذلك حين قال لهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قولوا: لا إله إلا اللَّه"، فنفروا من ذلك، وقالوا: أجَعَلَ مُحَمَّدٌ الآلِهةَ إلهًا واحدًا؟ كيف يَسَعُ الخَلْقَ إلَهٌ واحدٌ؟ " (٢)، {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) أي: عجيبٌ، قال أهل اللغة (٣): العُجابُ والعَجِيبُ واحدٌ، وهو مما جاء على فَعِيلٍ وفُعالٍ، يقال: رَجُلٌ كَرِيمٌ وكُرامٌ، وكَبيرٌ وكُبارٌ، وطَوِيلٌ وطُوالٌ، وعَرِيضٌ عُراضٌ، وسِكِّينٌ حَدِيدٌ وحُدادٌ، وطَيِبٌ وطُيابٌ، وقَرِيبٌ وقُرابٌ، وذَفِيفٌ وذُفافٌ (٤)، وخَفِيفٌ وخُفافٌ، وأنشد الفراء في كُبارٍ (٥):


= ٢/ ١٥٦، شرح شواهد المغني ص ٦٤٠، ٩٦٥، همع الهوامع ١/ ٤٠٢، خزانة الأدب ٤/ ١٦٩، ١٨٣، ١٨٥، ٦/ ٥٣٩، ٥٤٥.
(١) رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٣٣ كتاب التفسير: سورة "ص"، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ١٧٨، تفسير القرطبي ١٥/ ١٤٥.
(٢) رواه الإمام أحمد عن ابن عباس في المسند ١/ ٢٢٧، ٢٢٨، ٣٦٢، والنسائي في السنن الكبرى ٥/ ٢٣٥ كتاب السِّيَرِ: باب "ممن تؤخذ الجزية"، والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٣٢ كتاب التفسير: سورة "ص".
(٣) وقالوا: العُجّابُ بالتشديد أبلغ من العُجاب بالتخفيف، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٩٨، مجاز القرآن ٢/ ١٧٦، ١٧٧، معانِي القرآنَ للنحاس ٦/ ٧٩، تهذيب اللغة ١/ ٣٨٦، ٣٨٧، الكشف والبيان ٨/ ١٧٩، الفريد للهمداني ٤/ ١٥٤.
(٤) الذَّفِيفُ: الخفيف السريع على وجه الأرض، وينظر في هذه الكلمات التي ذكرها المؤلف: ياقوتة الصراط ص ٤٣٥.
(٥) معانِي القرآن ١/ ٢٥٤، ٢/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>