للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً}؛ أي: وسَخَّرْنا له الطَّيْرَ مجموعةً {كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩)} أي: مطيعٌ ومُسَبِّحٌ، وهو ابتداءٌ وخبرٌ، ونصب {مَحْشُورَةً} على الحال، قال الفراء (١): ولو قُرِئَ: "والطَّيْرُ مَحْشُورةٌ" بالرفع لَجازَ؛ لأنه لَمْ يظهر الفعل.

قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}؛ أي: قَوَّيْناهُ، وقرأ الحسن: "وَشَدَّدْنا مُلْكَهُ" بالتشديد (٢)، قال ابن عبّاسٍ (٣): كان داودُ عليه السّلام أشَدَّ ملوك الأرض سلطانًا، وكان يحرس محرابه ثلاثةٌ وثلاثون ألف رَجلٍ، فذلك قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}، ويقال: كان داود عليه السّلام إذا جلس للحكم كان عن يمينه ألف رجلٍ من الأنبياء، وعن يساره ألف رجلٍ من الأخيار.

قوله: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)} فالحكلمة هي النبوة والإصابة في الأمور، وأما فصل الخطاب فاختلفوا فيه، فقال ابن عبّاسٍ (٤): هو بيان الكلام. وقيل (٥): هو عِلْمُ الكلامِ، وقال عَلِي بن أبِي طالب عليه السّلام (٦): هو البَيِّنةُ على المُدَّعِي واليَمِينُ على مَنْ أنْكَرَ.


(١) قال الفراء: "ولو كانت "والطيْرُ مَحْشُورةٌ" بالرفع لَمّا لَمْ يظهر الفعل معها، كان صوابًا، تكون مثل قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: ٧]. معانِي القرآن ٢/ ٤٠١، وقد قرأ بالرفع إبراهيمُ بنُ أبِي عبلةَ وعاصمٌ الجَحْدَرِيُّ، ينظر: مختصر ابن خالوبه ص ١٣٠، شواذ القراءة للكرمانِي ورقة ٢٠٣، البحر المحيط ٧/ ٣٧٤.
(٢) وهي قراءة ابن أبِي عبلة أيضًا، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣٠، شواذ القراءة للكرمانِي ورقة ٢٠٣، البحر المحيط ٧/ ٣٧٤.
(٣) ينظر: الوسيط للواحدي ٣/ ٥٤٤، وفيه: "ستة وثلاثون ألف رجل". عين المعاني ورقة ١١٣/ أ.
(٤) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ١٨٤.
(٥) قاله ابن مسعود والحسن ومقاتل والسُّلَمِيُّ والكلبي، ينظر: الكشف والبيان ٨/ ١٨٤.
(٦) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ١٨٤، الوسيط ٣/ ٥٤٥، الكشاف ٣/ ٣٦٥، المحرر الوجيز ٤/ ٤٩٧، البحر المحيط ٧/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>