للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَرَّ مَرْجِعٍ ومَصِيرٍ، ثم أخبر بذلك، فقال: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها، بدلٌ من "شَرَّ"، {فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦)} قال ابن عبّاسٍ: بئْسَ المَسْكَنُ، وبِئْسَ المُمَهَّدُ، {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ} يعني الطاغين {حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧)} ما يَغْسِقُ من صديد أهل النار؛ أي: يسيل، وقيل (١): "غَسّاقٌ" بارِدٌ، يُحْرِقُ كَما يُحْرِقُ الحارُّ، والتقدير: هذا حميمٌ وغَسّاقٌ فَلْيَذُوقُوهُ، كقولك: زيدٌ ظَرِيفٌ وكاتِبٌ فاصْطَحِبُوهُ، وهذا الماء حارٌّ ومُنْتِنٌ فاجْتَنِبُوهُ، وكذلك قال الفراءُ والزَّجّاجُ (٢): تقدير الآية: هذا حميمٌ وغَسّاقٌ فَلْيَذُوقُوهُ.

قال الثعلبيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ (٣): وإن شِئْتَ جعلتَه مُسْتَأْنَفًا، وجعلت الكلام قبله مكتفيًا، كأنك قلتَ: هذا فَلْيَذُوقُوهُ، ثُمَّ قلتَ: منه حَمِيمٌ ومنه غَسّاقٌ، كقول الشاعر:

٢٠٠ - حَتَّى إذا ما أضاءَ الصُّبْحُ فِي غَلَسٍ... وَغُودِرَ البَقْلُ مَلْوِيٌّ وَمَحْصُودُ (٤)

والحميم: الماء الحارُّ الذي قد انتهى حَرُّهُ، والغَسّاقُ: ماءٌ بارِدٌ يُحْرِقُ كما


(١) في الأصل: "وقالوا".
(٢) معانِي القرآن للفراء ٢/ ٤١٠، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٣٨.
(٣) الكشف والبيان ٨/ ٢١٣.
(٤) البيت من البسيط، لذي الرمة، ورواية ديوانه:
حَتَّى إذا ما اسْتَقَلَّ النَّجْمُ فِي غَلَسٍ... وَأحْصَدَ البَقْلُ مَلْوِيُّ وَمَحْصُودُ.
اللغة: الغَلَسُ: ظلام آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح. المَلْوِيُّ: يَبِيسُ الكَلأ والبَقْلِ.
التخريج: ديوانه ص ١٣٦٦، معانِي القرآن للفراء ١/ ١٩٣، ٢/ ٤١٠، ٣/ ٦٨، جامع البيان ٢٣/ ٢١٠، إعراب القرآن ٣/ ٤٦٩، زاد المسير ٤/ ٢٦، ٧/ ١٤٩، عين المعانِي ورقة ١١٤/ أ، تفسير القرطبي ١٠/ ٩١، ١٥/ ٢٢١، البحر المحيط ٧/ ٣٨٨، الدر المصون ٥/ ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>