للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَنْ شَدَّدَهُ ذهب به إلى: غَسَقَ يَغْسِقُ، فهو غَسّاقٌ (١)، ومعنى تكرار قوله: "هذا"؛ أي: للمؤمنين هذا، وإن للطاغينَ.

قوله: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ}؛ أي: مثله، يعني العذاب {أَزْوَاجٌ (٥٨) أي: أصنافٌ من العذاب، والهاء من {شَكْلِهِ} تعود إلى الحميم (٢)، وقيل (٣): الكناية من {شَكْلِهِ} راجعة إلى العذاب فِي قوله: {هَذَا}، {وَآخَرُ} عطف على {حَمِيمٌ}.

قرأ أهلُ الكوفة وأبو عمرو ومجاهدٌ: "وَأُخَرُ" بضم الألف على جَمْعِ أُخْرَى (٤)، وهو الاختيار؛ لأنه نَعَتَهُ بالجمع، فقال: {أَزْوَاجٌ} مثل: الكُبْرَى


(١) قال الفارسي: "أما الغَسّاقُ فلا يخلو من أن يكون اسمًا أو وصفًا، فيبعد أن يكون اسمًا؛ لأن الأسماء لم تَجِئْ على هذا الوزن إلا قليلًا، وذلك نحو الكَلَّاءِ والقَذّافِ والجَبّانِ. . . فإذا لم يكن اسمًا كان صفةً، وإذا كان صفة فقد أُقِيمَ مُقامَ الموصوف، وألَّا تُقامَ الصفةُ مُقامَ الموصوف أحْسَنُ. . .، والقراءة بالتخفيف أحسن من حيث كان فيه الخروج من الأمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ وصفناهما في غَسّاقٍ بالتثقيل، وهما قِلّةُ البناء، وإقامة الصفة مقام الموصوف". الحجة ٣/ ٣٣٠ - ٣٣١.
(٢) ويجوز أن يكون الضمير عائدًا إلى المَذُوقِ الذي دَلَّ عليه قوله: "فَلْيَذُوقُوهُ"، وهذا على قراءة: "وَأُخَرُ" على الجمع، فيكون "أُخَرُ" مبتدأ، و"مِنْ شَكْلِهِ" صفة له، و"أزْواجٌ" خبره، والمعنى: وأُخَرُ من شكل الحميم أزواج، ويجوز أن يكون "أُخَرُ" مبتدأ، و"مِنْ شَكْلِهِ" خبره، و"أزْواجٌ" فاعلًا بالجار والمجرور، وفيه أوجه أخرى تنظر في الحجة للفارسي ٣/ ٣٣٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٥٣، كشف المشكلات ٢/ ٢٦٦، البيان للأنباري ٢/ ٣١٨، التبيان للعكبري ص ١١٠٥، الفريد للهمداني ٤/ ١٧٥، الدر المصون ٥/ ٥٤٠.
(٣) وهذا على قراءة "وَآخَرُ" بالإفراد.
(٤) هذه قراءة أبِي عمرو ومجاهد ويعقوب واليزيدي والجحدري وابن جبير وعيسى بن عمر وحماد بن سلمة والحسن، ينظر: السبعة ص ٥٥٥، غيث النفع ص ٢٤٢، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٢٢، البحر المحيط ٧/ ٣٨٨، الإتحاف ٢/ ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>