للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} قال الكسائي (١): نصب {رَجُلًا}؛ لأنه ترجمةٌ للمَثَلِ وتفسيرٌ له، وإن شئت نصبته بنَزْعِ الخافض، مجازه: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِرَجُلٍ أو في رَجُلٍ، وقيل (٢): هو منصوبٌ على البدل من المَثَلِ.

وقوله: {فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ}؛ أي: مُتَعاسِرُونَ مُتَضايِقُونَ، وقيل: مُخْتَلِفُونَ، والشَّكَسُ: سُوءُ الخُلُقِ، وهو مَثَلٌ لعابد الأصنام (٣).

وقوله: {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} يعني: خالصًا لِرَجُلٍ، لا يَشْرَكُهُ فيه غَيْرُهُ، يقال: سَلِمَ الشَّيءُ لفلان: إذا خَلَصَ له (٤). قرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو ويعقوبُ وابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والحسنُ: "سالِمًا" بالألف، وقرأ الباقون: "سَلَمًا" بغير ألف، وقرأ بعضهم: "سِلْمًا" (٥) بكسر السين وإسكان اللام، وهما مصدران وُصِفَ بهما (٦)؛ أي: سِلْم إليه، وهو سِلْمٌ وسَلَمٌ: لا يَعْتَرِضُ فيه عليه أحَدٌ، وهذا


(١) ينظر قوله في الكشف والبيان ٨/ ٢٣٣، المحرر الوجيز ٤/ ٥٢٩، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٥٢، البحر المحيط ٧/ ٤٠٧.
(٢) والتقدير على هذا: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا مَثَلَ رَجُلٍ، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، ينظر: كشف المشكلات ٢/ ٢٧٢، عين المعانِي ورقة ١١٤/ ب، الفريد ٤/ ١٩٠.
(٣) ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٨٣، تهذيب اللغة ١٠/ ٥ - ٦.
(٤) قاله أبو بكر السجستانِيُّ في تفسير غريب القرآن ص ١٣٥.
(٥) قرأ بالألف أيضًا ابنُ مسعود وابنُ محيصن واليزيديُّ والجحدريُّ وعكرمةُ وقتادةُ والزهريُّ، ورواها أبانٌ عن عاصم، وقرأ ابنُ جبير وعكرمةُ وأبو العالية ونصرُ بن عاصم: "سِلْمًا"، وقرأ الباقون وحفصٌ عن عاصمٍ: "سَلَمًا"، ينظر: السبعة ص ٥٦٢، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٥٣، البحر المحيط ٧/ ٤٠٧، الإتحاف ٢/ ٤٢٩.
(٦) قال الزجاج: "وسَلَمٌ وسِلْمٌ: مصدران وُصِفَ بهما على معنى: ورَجُلًا ذا سَلَمٍ". معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٥٢، وينظر: معاني القراءات ٢/ ٣٣٨، تهذيب اللغة ١٢/ ٤٤٨، الحجة للفارسي ٣/ ٣٤١، الفريد للهمداني ٤/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>