للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ} لهم يا محمد: {أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا} يعني: لأهل مكة {وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)} يريد: مَنْ بِهَذِهِ الصفةِ تتخذونهم شفعاءَ؟.

ثم أخبر أنه لا شفاعة إلا بإذنه، فقال: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} نصبٌ على الحال، فإن قيل: "جَمِيعٌ" إنما يكون للاثنين فصاعدًا، والشفاعة واحدةٌ، فالجواب: أن الشفاعة مصدرٌ، والمصدر يُؤَدِّي عن الاثنين والجميع (١).

قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} أي: انقبضت، وقيل: نَفِرَتْ، واقْشَعَرَّتْ عن التوحيد {وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} يعني: الأصنام التي عبدوها من دونه {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)} يفرحون، وذلك حين قرأ عليهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة سورة النجم، فقال: تلك الغَرانِيقُ العُلَى، وإن شفاعتهن لَتُرْجَى، فرح كفار مكة بذلك حين سمعوا أنَّ لَها شفاعةً (٢).

وأصل الاشمئزاز: النفور والازْوِرارُ، و {وَحْدَهُ} نَصْبٌ على المصدر عند سيبويه والخليل (٣)، وهو حال عند يونس (٤).


(١) السؤال وجوابه قالهما النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٤، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٥٩.
(٢) سبق التعرض لقصة الغرانيق وإبطالها عند تناول الآية ٥٢ من سورة الحج ١/ ٢٥٨.
(٣) قال سيبويه: "هذا باب ما جُعِلَ من الأسماء مصدرًا كالمضاف، وذلك قولك: مررتُ به وَحْدَهُ، ومررتُ بهم وَحْدَهُمْ، ومررت برجلٍ وَحْدَهُ، ومثل ذلك في لغة أهل الحجاز: مررتُ بهم ثُلاثَتَهُمْ وأرْبَعَتَهُمْ. . . وزعم الخليل، رحمه اللَّه، حيث مَثَّلَ نَصْبَ "وَحْدَهُ" و"خَمْسَتَهُمْ" أنه كقولك: أفْرَدْتُهُمْ إفرادًا، فهذا تمثيل، ولكنه لَمْ يُسْتَعْمَلْ في الكلام". الكتاب ١/ ٣٧٣، ٣٧٤، ولكن سيبويه أورد "وَحْدَهُ" بعد ذلك في باب ما ينتصب أنه حال يقع فيه الأمر وهو اسم، وحمله على ما ورد عن العرب حالًا وهو معرفة، مثل: أرْسَلَها العِراكَ ونحوه، ينظر: الكتاب ١/ ٣٧٦، ٣٧٧.
(٤) قول يونس حكاه عنه النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٤، ومَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن =

<<  <  ج: ص:  >  >>