للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ} يعني العذاب {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ} يريد: يوم القيامة {فَقَدْ رَحِمْتَهُ} لأن المُعافَى من العذاب مَرْحُومٌ، وهذا جواب الشرط، ومحل "مَنْ" يجوز أن يكون رفعًا بالابتداء، ويجوز أن يكون نصبًا بـ "تَقِ"، وحذفت الياء للشرط.

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} يعني: بغض اللَّه لكم فِي الدنيا {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠)} أكبر من بغضكم أنفسكم عند حلول العذاب بكم، والمَقْتُ: البُغْضُ والبَراءةُ (١).

قال البصريون (٢): وهذه اللام لام الابتداء، ومثله في العربية: لَزَيْدٌ أفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو. وقال أحمد بن يحيى ثعلب (٣): هي لام اليمين تدخل على الحكاية أو ما ضارَعَ الحكايةَ؛ لتدل على أن ما بعده استئنافٌ، ولا يجوز [أن يكون] (٤) من جوابات الأيمان.

قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} هذا قول الكفار فِي النار، وذلك أنهم كفروا بالبعث في الدنيا، وأقَرُّوا في الآخرهَ بِمَوْتَيْنِ وحَياتَيْنِ، يعني: أنهم كانوا نُطَفًا، فأحياهم لَمّا خَلَقَهُمْ فهذه موتةٌ وحياةٌ، ثم أماتهم عند


(١) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٤٤٩ - ٤٥٠، وينظر: تهذيب اللغة ٩/ ٦٦ - ٦٧.
(٢) قال الأخفش: "وقال: {يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ} فهذه اللام هي لام الابتداء، كأنه: يُنادَوْنَ يُقالُ لَهُمْ؛ لأن النداءَ قَوْلٌ، ومثله في الإعراب: لَزَيْدٌ أفْضَل مِنْ عَمْرٍو". معانِي القرآن ص ٤٦٠، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٧.
(٣) ينظر قوله في عين المعانِي ورقة ١١٦/ أ.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>