للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آجالهم ثم بعثهم في الآخرة، فهذه مَوْتةٌ وحَياةٌ أخرى، ثم قالوا: {فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} بأن البعث حقٌّ، وكانت ذنوبهم أنهم قالوا: لا بَعْثَ ولا نُشُورَ، ثم سألوا الرجعة إلى الدنيا، فقالوا: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ} يعني: من النار {مِنْ سَبِيلٍ (١١)} من طريق إلى الدنيا، فنَعْمَلَ بطاعتك وما يرضيك، ونصب {اثْنَتَيْنِ} على المصدر فِي الموضِعين، وقيل: نصب ذلك لأنه أقيم مقام المصدر تقديره: أمَتَّنا إماتَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ (١).

قوله: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} يعني: مخلصين له التوحيد والطاعة، وهو نصبٌ على الحال {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)} من أهل مكة.

ثم عَظَّمَ نَفْسَهُ، فقال: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} يعني الكبرياء والعظمة في السماوات، والرفيع بمعنى الرافع، والمعنى: أنه يرفع درجات الأنبياء والأولياء في الجنة {ذُو الْعَرْشِ} خالقه ومالكه، وهو مرفوعٌ على إضمار مبتدأٍ، قال الأخفش (٢): ويجوز نصبه على المدح، وقيل: {رَفِيعُ} ابتداءٌ، و {ذُو الْعَرْشِ} نعته، وخبره {يُلْقِي الرُّوحَ}.

ويحتمل أن يكون {ذُو الْعَرْشِ} خَبَرَ الابتدإءِ، ويحتمل أن يكون {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} خَبَرًا لابتداءٍ محذوفٍ كما تقدم، تقديره: هو رفيعٌ.

قوله: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} يعني: يُنَزِّلُ الوَحْيَ من السماء بأمره، وقيل: من قضائه {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} وسمّاهُ رُوحًا لأنه تَحْيا به القلوبُ كما تَحْيا بالأرواح.


(١) أي على النعت لمصدر محذوف، ينظر: الفريد للمنتجب الهمدانِيِّ ٤/ ٢٠٧.
(٢) قال الأخفش: "رَفِيعُ: على الابتداء، والنصب جائز، لو كان، في الكلام على المدح". معانِي القرآن ص ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>