للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) ثم فَسَّرَ ذلك فقال: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ}؛ أي: مثل حالهم وعادتهم فِي التكذيب، وما أصابهم من العذاب، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (٣١)} فلا يهلكهم قبل إيجاب الحُجّة عليهم، و {مِثْلَ دَأْبِ} نصبٌ على البدل من {مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ}، وهو مفعولٌ لقوله: {أَخَافُ عَلَيْكُمْ}.

ثم حَذرَهُمْ المؤمنُ عذابَ الآخرة، وهو قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢)} مفعولٌ، يعني يوم القيامة، يُنادَى فيه كُلُّ أناس بإمامهم، ويُنادِي فيه أهْلُ النّارِ أهْلَ الجنة، وأهْلُ الجنةِ أهْلَ النارِ، ويُنادَى فيه بسعادة السعداء، وشقاوةِ الأشقياءِ، فيقال: ألا إن فلان ابن فلانٍ سَعِدَ سَعادةً لا شقاء بعدها أبدًا، ألا إن فلان ابن فلانٍ شَقِيَ شَقاوةً لا سَعْدَ بعدها أبدًا" (١).

قرأ العامة: "التَّنادِ" بتخفيف الدال، وقرأ الحسن وابن كثيرٍ: "التَّنادِي" بتخفيف الدال وإثبات الياء على الأصل في الوقف والوصل، وأثبت وَرْشٌ الياءَ في الوصل فقط، وقرأ الباقون بغير ياءٍ في الحالين، وقرأ ابن عبّاسٍ والضحّاك بتشديد الدال (٢) على معنى: يوم التنافر.

{يَوْمَ تُوَلُّونَ} بدلٌ من {يَوْمَ التَّنَادِ} {مُدْبِرِينَ} منصرفين عن موقف


(١) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٢٧٤، الوسيط ٤/ ١١، تفسير القرطبي ١٥/ ٣١٠، ٣١١، فتح القدير ٤/ ٤٩١.
(٢) قرأ الحسنُ وابنُ كثير ويعقوبُ وقالونُ وابنُ السميفع ومجاهدٌ، وأبو عمرو في روايةِ عباسِ ابن منصورٍ عنه: "التَّنادِي" بإثبات الياء وصلًا ووقفًا، وأثبت الياءَ في الوصل فقط وَرْشٌ عن نافع، وابنُ وَرْدانَ، وقرأ ابنُ عباس والضحاكُ وأبو صالح الكلبِيُّ والزعفرانِيُّ وابنُ مِقْسَمٍ وعكرمةُ: "التَّنادِّ" بالتشديد، وقرأ الباقون بحذف الياء وصلًا ووقفًا، ينظر: السبعة ص ٥٦٨، تفسير القرطبي ١٥/ ٣١٢، البحر المحيط ٧/ ٤٤٤، النشر ٢/ ٣٦٦، الإتحاف ٢/ ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>